التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 تنزيل من الرحمن الرحيم 2 كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون 3 بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون 4 وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون 5 قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين 6 الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون 7 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون 8}

صفحة 6169 - الجزء 9

  لأن الاستقامة في المستقبل إنما تنفع متى أقبل على التوبة مما تقدم «وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ» (ويل) كلمة وعيد «الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ» قيل: لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وهي زكاة الأنفس، عن أبي علي، وقيل: لا يؤتون الزكاة، ولا يدينون بها، عن الحسن، وقتادة، وقيل: لا يأتون ما يكونون به أزكياء من الدخول في دين الله، وقيل: لا ينفقون في الطاعة، ولا يتصدقون، عن الضحاك، ومقاتل، وكان يقال: الزكاة قنطرة الإسلام من قطعها نجا، ومن تخلف عنها هلك، ولذلك قاتل أبو بكر أهل الردة بمنعهم الزكاة، وقيل: لا يزكون أعمالهم، عن مجاهد، والربيع، قال الفراء: هو أن قريشًا كانت تطعم الحاج، فَحَرَّمُوا ذلك على من آمن بمحمد ÷، وقيل: جمع بين الاستقامة والزكاة؛ لأن الزكاة عبادة مالية، والاستقامة عبادة بدنية، فجمع بينهما وبين كل العبادات «وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ».

  ثم عقبه بوعد المؤمنين، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» قيل: ثواب غير مقطوع، عن ابن عباس، وقيل: غير منقوص، عن مقاتل، وقيل: لا يلحقهم تنغيص ومَنّ، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم.

  · الأحكام: تدل أول الآيات على حدوث القرآن من حيث وصفه بأنه فصل بالآيات، وبالقرآن بأنه عربي، وأنه بشير ونذير، وكل ذلك دلالة على حدوثه.

  وتدل على أنه ليس في القرآن غير لغة العرب، خلاف قول الحشوية.