قوله تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد 46 إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد 47 وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص 48 لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط 49 ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ 50}
  قلنا: فيه أقوال:
  أولها: أنه لو فعل الظلم وإن قلَّ وهو غني عنه عالم به وبغناه، لكان ظلّامًا.
  وثانيها: أنه على طريق الجواب لمن زعم أنه يفعل كل ظلم، فقال: ما هو بهذه الصفة التي يتوهمها الجهال، فيأخذ أحدًا بذنب غيره.
  ثم بَيَّنَ أن وقت القيامة الذي هو يوم الجزاء هو العالم بها القادر عليها، فقال - سبحانه -: «إِلَيهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ» يعني لا يعلمها غيره، فعلمه مردود عليه، والساعة: القيامة التي يقع فيها الجزاء، وكذلك علم الثمار «وَمَا تَحْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا» من أوعيتها «وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ» يعني يعلم قدر الثمار وكيفيتها، وأجزائها وطعومها، وروائحها، وكيف يخرجها، ويعلم الحبالى وما في بطنها، وكيفية انتقالها حتى يصير بشرًا سويًّا «وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ» قيل: يناديهم الله تعالى ذمًّا وتوبيخًا، وقيل: يناديهم مناد «أَيْنَ شُرَكَائِي» الَّذِينَ كنتم تعبدونها، وتدعون أنها آلهة، لا ينفعونكم اليوم «قَالُوا آذَنَّاكَ» أي: أعلمناك، عن ابن عباس، ولا يجوز أعلمناك على أنهم أعلموا الله تعالى؛ لأنهم يضطرون أنه تعالى عالم لذاته، وبكل معلوم، فالمراد به الذلة والخضوع، أي: تعلم أنا تبرَّأنا منه، وقيل: أسمعناك، وقيل: أقررنا لك، عن أبي علي. «مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ» يشهد أن لك شريكًا، وقيل: هذا قول الأصنام يحييهم الله، فيقولون ذلك ردًّا عليهم، بأنا لا نقول ما قال أولئك فينا، وقيل: هو قول المشركين على وجه الذلة والاعتراف على أنفسهم، والبراءة من شركهم، أي: ما منا من شهيد يشهد بأنها آلهة، عن أبي علي، وقيل: