التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد 16 الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب 17 يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد 18 الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز 19 من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب 20}

صفحة 6233 - الجزء 9

  · الإعراب: قوله: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} ولم يقل: قريبة؛ لأن تأنيثها غير حقيقي، فجاز فيه التذكير والتأنيث، وقيل: تقديره: إتيانها قريب، عن الكسائي.

  وقيل: القربة على ضربين، قربة قرابة، وقربة مسافة، فقربة القرابة تؤنث، وقربة المسافة يجوز تذكيرها وتأنيثها، قال الشاعر:

  عَشِيَّةَ لا عَفْرَاءُ مِنْكَ قَرِيبَةٌ ... فَتدْنُو ولا عَفْرَاءُ مِنْكَ بَعِيدُ

  فجمع بين اللغتين.

  ونصب (الميزانَ) عطفًا على (الكتابَ)، أي: وأنزل الميزانَ.

  «حُجَّتُهُمْ» ابتداء، و «دَاحِضَةٌ» خبره، وقد تم الكلام عند قوله: {اسْتُجِيبَ لَهُ}.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ} في اليهود والنصارى، قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم، وأولى بالحق، عن مجاهد.

  وقيل: نزلت في المشركين، وقيل: إنهم قالوا: إن مات هو رجع هَؤُلَاءِ عن دينهم، فنزلت الآية.