قوله تعالى: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد 16 الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب 17 يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد 18 الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز 19 من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب 20}
  هو جميع أحكام الشرع، «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ» أي: لست تدري متى تقوم الساعة، فإذا أنت لا تعلمه مع الوحي والكتاب فكيف يعلمه غيرك «يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا» يعني من لا يؤمن بها يستعجل إنكارًا وتكذيبًا «وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا» أي: يخافون قيامها، وهم غير متأهبين لها «وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ» أي: مجيئها وكونها «أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ» قيل: يخاصمون فيها، وقيل: يوقع بعضهم بعضًا في التهمة «لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ» عن طريق الحق؛ وذلك لأن في إهمال المكلفين وترك الجزاء سفها وعبثا، فمن أنكر القيامة والجزاء فقد أضاف السفه إليه تعالى، وهو كفر، ولأنه ينكر قدرة الله تعالى على إعادة الخلق والإحياء بعد الإماتة، ولا ضلال أعظم من ذلك «اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ» قيل: بارّ بهم حَفِيّ، عن ابن عباس، وعكرمة، وقيل: رفيق، عن السدي، وقيل: لطيف بالبر والفاجر في الإنعام، عن مقاتل، وقيل: لطيف بهم في العرض والمحاسبة، عن القرظي، وقيل: اللطيف فاعل اللطف، وهو إيصال المنافع إلى العباد على وجه يدق على كل فاعل إدراكه، وقيل: الفاعل اللطف بهم كي يصلحوا، وقيل: لطيف: مريد الإحسان إلى خلقه لمنافع الدنيا والدين، وقيل: بصير بهم وبسرائرهم، وقيل: لطيف بهم في الرزق من وجهين:
  أحدهما: أنه جعل رزقهم من الطيبات.
  والثاني: أنه لم يدفعه إليهم مرة واحدة، عن الصادق.
  وقيل: لطيف بهم بإنزال القرآن عليهم وبتيسيره لهم، وقيل: اللطيف الذي يقبل القليل ولعطي الجزيل. «وَهُوَ الْقَوِيُّ» أي: القادر «الْعَزِيزُ» لا يمتنع عليه شيء