التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم 21 ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير 22 ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور 23 أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور 24 وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون 25}

صفحة 6243 - الجزء 9

  الهادي #، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وهم ولد عبد المطلب إلا أولاد أبي لهب، وهم من ذكرنا، وقيل: إن هذا كان بمكة، أمرهم بمودته، فلما هاجروا، وقوي أمرهم، قال: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} فنسخ ذلك بهذه الآية، عن الضحاك، وهذا لا يصح؛ لأن شيئًا مما تقدم لا يجوز نسخه، وقيل: يجوز أن يكون الله أطلع نبيه على أنهم يقتلون أولاده، فقال: لا أسألكم على الرسالة أجرًا، ولكن صِلُوا رحمي، واحفظوني في أولادي.

  ومتى قيل: أي الأقوال أصح؟

  قلنا: قول الحسن، وأبي علي لوجوه:

  منها: أن الخطاب للكفار؛ لأن المؤمنين كانوا يعلمون أنه لا يسألهم أجرًا، فكأنه وصاهم بطاعته لئلا يسيئوا إليه.

  ومنها: أنه قال عقيبه: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا» وأن المراد بالقربى الأمور المقربة إلى الله سبحانه.

  ومنها: أن من كان من قراباته مؤمنًا فولايته واجبة كسائر المؤمنين، ومن كان كافرًا أو فاسقًا فمعاداته واجبة، ولذلك نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}⁣[المسد: ١] في عمه، فلا معنى لتخصيصهم بذلك.

  ومنها: أن مودتهم لا تجوز أن تُجْعَلَ أجرًا له.

  ومنها: أنه قال في موضع آخر: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}⁣[الشورى: ٢٣] كما حكى عن سائر الأنبياء، ذكر ذلك جميعه أبو مسلم، وَطَوَّلَ الكلام فيه.