قوله تعالى: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد 26 ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير 27 وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد 28 ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير 29 وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير 30 وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 31}
  من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده، ذلك أني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم».
  ومتى قيل: فنحن نرى موسعًا عليه يشكر، ومضيقًا عليه يكفر؟
  قلنا: لعل المضيق عليه يستوي حاله، أو كان يزيد كفره لو أغناه الله، والله أعلم بتفاصيل ذلك، وإنما نعلم أنه يُغْنِي ويفقر بحسب المصلحة على ما يقتضي علمه.
  يقال: من المراد بقوله: «لعباده»؟
  قلنا: المكلفون؛ لأن البغي منهم يصح، وفيهم يصح اللطف.
  ومتى قيل: أليس كثيرًا ممن وسع عليه بغى؟
  قلنا: لعل حالهم يستوي في البغي، وسع أو لم يوسع، أو كان لو لم يوسع كانوا أسوأ حالاً فلذلك وسع، وقيل: هو قدر من السعة لا كل السعة، فلا أحد إلا ويعلم - سبحانه - حاله، ويدبر أمره بحسب مصالحه، وقيل: أراد قدرًا من السعة لو فعل بجميعهم لبغوا في الأرض؛ لأنه تعالى أضاف إلى جميعهم.
  ومتى قيل: فما وجه الفساد في سعة المال؟
  قلنا: الله أعلم بتفاصيل ذلك، وقد يغلب على ظننا أنه عند البسطة وفراغ القلب وسعة الحال يبطر ويظلم، وقد ينفق في المعاصي، وقد يحرص على الزيادة كما روي: «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب».