قوله تعالى: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد 26 ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير 27 وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد 28 ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير 29 وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير 30 وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 31}
  مجرى الثواب؛ ولذلك يقال: فلان مستجاب الدعوة، فيمدح به، هذا قول أبي علي، وقال أبو بكر أحمد بن علي: يجوز إجابة دعاء غير المؤمنين استصلاحًا.
  ومتى قيل: فكثير من المؤمنين لا يجاب دعاؤهم؟
  قلنا: قد يتأخر لمصلحة، وقد يكون مفسدة فلا يجاب، وإنما يجاب بشرط المصلحة؛ ولذلك يجب أن يسأل بشرط المصلحة.
  ومتى قيل: إذا كانت مصلحة، فلا بد أن يفعلها، فما معنى الدعاء؟
  قلنا: قد يكون فعله مصلحة عقيب الدعاء، ولولا الدعاء لكانت مفسدة.
  ويدل قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ} الآية، على قولنا في اللطف والمخلوق والاستطاعة والإرادة.
  أما دلالته على اللطف فظاهر؛ لأنه لم يُعْطِ لكيلا يبغوا، ولو بسط لبغوا، وإنما رزقهم قدرًا مخصوصًا ليكونوا أقرب إلى الاستقامة؛ ولذلك عقبه بقوله: {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}. منها أنه يفعل من ذلك ما هو أصلح في التكليف، ونبه أن المنع ليس لعجز أو بخل؛ لكن لما يعود إلى نفع العبيد وصلاحهم.
  وأما دلالته على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم أنه تعالى وسع وضيق لطفًا؛ كي يكونوا أقرب إلي الطاعة، وأبعد من المعصية، فلو كان الجميع خلقًا له - تعالى - لم يكن لهذا الكلام معنى؛ لأنه سواء وسَّع أو ضيَّق، إنما يؤخذ فيه بما يخلقه فيه.
  فأما دلالته على الاستطاعة فمن وجهين:
  أحدهما: أن القدرة لو كانت موجبة لوقف وجود البغي وعدمه عليها، لا على سعة الرزق وضيقه، فتبطل فائدة الكلام.