التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور 48 لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور 49 أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير 50 وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم 51 وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم 52 صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور 53}

صفحة 6269 - الجزء 9

  · الأحكام: يدل قوله: {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} نهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا وقت معاينة العذاب؛ ليطيعوا، ولو كانت أفعال العباد خلقًا لله تعالى لما صح هذا التمني، وكذلك لو لم يقدروا عليه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.

  ويدل قوله: {أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ} أن الظالم لا يخرج من النار، وأن الرسول ÷ لا يشفع لهم، فيبطل قول المرجئة، ولا يقال: إن المراد به الكفار؛ لأنه خلاف الظاهر، وكذلك يدل قوله: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ} وأي نصرة أعظم من الشفاعة المؤدية إلى النجاة.

  ويدل قوله: «استجيبوا» على وجوب الإجابة، وأنها الطريق إلى النجاة، وأن الإجابة فعلُهم.

  وتدل أن سبب الخلاص إنَّمَا هو في الدنيا دون الآخرة.

قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ ٤٨ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ٤٩ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ٥٠ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ٥١ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ٥٣}