قوله تعالى: {فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور 48 لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور 49 أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير 50 وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم 51 وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم 52 صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور 53}
  جنس الاعتقادات لا من جنس الكلام فيبعد أن يكون الإلهام وحيًا، وقيل: الخاطر وما يراه في المنام، عن أبي علي.
  الثاني: من وراء حجاب قيل: يكلمه بكلام يسمعه ولا يرى المتكلم بمنزلة ما يسمع من وراء الحجاب؛ لأنه تعالى لا يجوز عليه الحجاب، ولا يكون كلامه ككلام من يُرَى ويدرك، عن أبي مسلم، وقيل: يحجب ذلك الكلام عن جميع خلقه، إلا ممن يريد أن يكلمه به نحو كلامه لموسى # في المرة الأولى، بخلاف كلامه في المرة الثانية؛ لأنه سمع ذلك معه السبعون، عن أبي علي، وقيل: يحصل الكلام من وراء حجاب أي: مكانه الذي خلق فيه، فالحجاب راجع إلى مكان الكلام، ولا يقال: إن المتكلم من وراء حجاب؛ لما بَيَّنَّا أن الحجاب لا يجوز عليه؛ لأنه من صفة الأجسام، وما يسمعه الملَك من هذا القبيل؛ لأنه يسمع الكلام من غير رؤية محله والمتكلم به، ويعلم أن كلامه بمعجزة، أو ما يجري مجرى المعجزة.
  في الحجاب ثلاثة أوجه:
  الأول: حجاب عن إدراك الكلام إلا المُكَلَّم به.
  والثاني: حجاب لمحل الكلام.
  والثالث: بمنزلة ما يُسْمَعُ من وراء حجاب.
  والثالث: أو يرسل رسولاً من الملائكة، فيأتي به إلى النبي ÷ فيسمعه منه فيؤديه إلى الخلق.
  «بإذنه» قيل: بعلمه، وقيل: بأمره، وهو الوجه «ما يشاء» يعني يوحي كما يشاء الله بحسب ما يعلم من مصالح الخلق «إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ» في فعل الأصلح، «وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ» أي: كما أوحينا إلى سائر الأنبياء أوحينا إليك «رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا» قيل: نبوة، وقيل: وحيًا، عن السدي، وقيل: كتابًا، عن الكلبي، وقيل: جبريل، عن الربيع،