قوله تعالى: {إن المتقين في مقام أمين 51 في جنات وعيون 52 يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين 53 كذلك وزوجناهم بحور عين 54 يدعون فيها بكل فاكهة آمنين 55 لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم 56 فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم 57 فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون 58 فارتقب إنهم مرتقبون 59}
  أمنوا زوال النعمة، وقيل: أمنوا كل ما يُخاف ويُخْشى خلاف حال الدنيا «فِي جناتٍ» أي: بساتين فيها أشجار «وَعُيُونٍ» أنهار جارية قيها «يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ» قيل: نوعان من الحرير، وقيل: السندس الحرير، والإستبرق الديباج الغليظ، عن الحسن، وقتادة، وقيل: إنما خاطب العرب بذكر الثياب لما عظم عندهم واشتهته أنفسهم «مُتَقَابِلِينَ» أي: يقابل بعضهم بعضًا، ويقبل بعضهم على بعض، وهم متقابلون بالمحبة، لا متدابرون بالبغضة، وقيل: متقابلين حال الزيادة وإن تفاوتوا في الدرجات، «كَذَلِكَ» قيل: كذلك فعلنا بهم، وقيل: كما أكرمناهم بالجنان، أكرمناهم بأن زوجناهم، وقيل: كذلك على تلك الحالة، وقيل: كذلك الأمر في الفريقين، وقيل: كذلك نفعل بكل واحد منهم «وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ» وهنَّ النساءُ النَّقِيَّاتُ البياض، وقيل: الحور البيضاء، والعِينُ: واسعة العين، وقيل: العيناء: الشديدة سواد العين، الشديدة بياضها، عن الحسن، وقيل: حار فيهن الطرف لبياضهن، وصفاء لونهن، عن قتادة. «يَدْعُونَ فِيهَا» في الجنة «بِكُلِّ فَاكِهَةٍ» يشتهون «آمِنِينَ» من نفادها وعدمها ومضرتها، وقيل: آمنين من الموت والأوصاب، «لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى» قيل: (إلا) بمعنى (سوى)، وقيل: بمعنى (لكن)، كأنه قيل: لكن الموتة قد ذاقوها، وقيل: بعد الموتة الأولى، وإنما استثنى؛ لأنه أخبر بذلك في الدنيا، فيصح الاستثناء فيها عن القاضي.
  ومتى قيل: لِمَ كان هذا نعمة عليهم مع مشاركة غيرهم من الحيوانات؟
  قلنا: لأن فيه بشارة بدوام النعم، فالحياة هنية في الجنة، وأهل النار معاقبون، فيزيدهم بذلك غمًّا.