قوله تعالى: {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 12 وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 13 قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون 14 من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون 15}
  · النزول: قال ابن عباس ومقاتل: نزل قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا} في عمر بن الخطاب، وذلك أن رجلا من بني عفان شتمه، فهَمَّ عمر أن يبطش به، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمر بالعفو عنه.
  وعن ابن عباس: لما نزل قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[البقرة: ٢٤٥] قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص: احتاج رب محمد، فسمع عمر ذلك، فأخذ سيفه وخرج في طلبه، فنزل جبريل # بقوله: «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا»، فدعا عمر وأمره بالعفو.
  قال القرظي، والسدي: نزلت في ناس من أصحاب النبي ÷ من أهل مكة، كانوا في أذى كبير من المشركين قبل أن يؤمروا بالقتال، فشكوا ذلك إلى رسول اللّه ÷ فنزلت الآية، ثُمَّ نسختها آية القتال.
  · المعنى: عاد الكلام إلى ذكر الأدلة عطفًا على ما تقدم، فقال - سبحانه -: «اللَّهُ الَّذِين سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ» أي: خلقه مسخرًا «لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» تركبونه في أسفاركم «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» أي: اشكروا هذه النعم «وَسَخَّرَ لَكُمْ» أي: لمصالحكم ومنافعكم «مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» أي: جميع ذلك من خلقه، فلا تدعوا له ندًا فيه «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتفكرُونَ» في الأدلة فيعلمون الحق، وحضهم به؛ لأنهم ينتفعون بها «قُلْ» يا محمد «لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ» يعني بترك مجازاتهم على الأذى لهم، وقيل: هو وعيد لهم،