التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله}

صفحة 804 - الجزء 1

  والفرق بين الإحصار والحصر أن الإحصار المنع بالمرض أو ذهاب النفقة، عن أبي عبيدة والكسائي وأكثر أهل العلم. وأجاز الفراء كل واحد منهما مكان الآخر، وأبى ذلك أبو العباس والزجاج.

  والحلق: حلق الرأس.

  والهدي: جمع هَدْيَةٍ كتمرة وتمر، وأصله من الهدية يقال: أهديت إهداء، وأهديت إلى البيت الهَدْيَ، والهَدْيُ: ما يُهْدَى إلى البيت من النسك.

  · الإعراب: «فما استيسر» محل (ما) رفع، أي فعليه ما استيسر، وقيل: محله نصب، وتقديره: فاهدوا ما استيسر.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حكم الإحصار في الحج، فقال: «فَإِنْ أُحْصرْتُمْ» قيل: مُنِعْتم بخوف عدو أو مرض، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء. وقيل: منعكم حابس قاهر عن مالك بن أنس. والأول: الوجه، يعني: منعتم من المضي في أعمال الحج «فَعليه مَا اسْتَيسَر مِنَ الهَدي»، أي ما سهل، قيل: شاة، عن علي. وابن عباس والحسن وقتادة ¤، وهو الوجه؛ لأنه أقرب إلى اليسر، وقيل: من الإبل والبقر، عن ابن عمر وعائشة، ولا بد في الكلام من حذف، وتقديره:

  فعليكم ما استيسر ليخرج به من الإحرام «وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ولا بد من حذف؛ لأنه لا يتحلل ببلوغه محله حتى ينحر، فكأنه قال: حتى يبلغ الهدي محله وينحر، فإذا نحر أو ذبح فاحلقوا، والمعني به المحصر لا يحلق شعره حتى يذبح الهدي. وقيل: بل هو كلام مستأنف، لا تعلق له بالإحصار. والأول أصح.