التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 2 ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون 3 قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين 4 ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون 5}

صفحة 6398 - الجزء 9

  بِكِتَابٍ» فيه حجة لكم «مِنْ قَبْلِ هَذَا» أي: من قبل القرآن فيه بيان ما تقولون «أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ» قيل: خبر عن الأنبياء، عن عكرمة، ومقاتل، وأبي علي، وقيل: بكتاب. منزل من السماء، أو أثارة من علم من تقدم من الأمم والأنبياء، ينسبون إليه ذلك، عن أبي بكر بن عياش، وأبي مسلم، وقيل: خاصة من علم أوثرتم به، عن سلمة ابن عبد الرحمن، وقتادة، وميمون بن مهران، وقيل: إسناد يذكرونه، عن القرظي. «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» فيما تزعمونه، فهاتوا إحدى هذه الثلاث:

  أولها: دليل العقل، كتعلق الفعل بالفاعل، فهل لهم خلق يدل عليهم.

  الثاني: الكتاب، قيل: كتاب منزل يدل على ما قلتم.

  والثالث: الأخبار المتواترة، فهل معكم ذلك، فإذا لم يكن من ذلك شيء فهو باطل.

  «وَمَنْ أَضَلُّ» أي: لا أحد أضل عن طريق الرشد «مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ» أي: لا يجيبه إذا دعاه؛ لأنه جماد، وهي الأوثان «إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قيل: لا يجيبهم في الدنيا إلى يوم القيامة، ويوم القيامة يجيبهم فينطقهم اللَّه، فيظهرون البراءة من أولئك «وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ» لا يسمعون ولا يفهمون؛ لأنها ليست بِحَيَّةٍ، فأخرجها وهي جماد مخرج ذكور بني آدم؛ لأن عَبَدَتْها مثَّلتها بالملوك التي تُخْدَم.

  · الأحكام: يدل قوله: «تَنْزِيلُ» على حدوث القرآن من وجهين: