التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 21 قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 22 قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون 23 فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم 24 تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين 25}.

صفحة 6421 - الجزء 9

  والعارض: المار حتى لا يثبت من خير أو شر، ومنه العَرَضُ؛ لأنه يعرض في الوجود، ولا يجب له من اللبث ما للأجسام، ومنه قيل للدنيا: عرض حاضر، أي: لا بقاء له، وسمي السحاب عارضًا؛ لأنه يعرض أي: يبدو في عرض السماء.

  والممطر: الذي يمطر السحاب، وهو الريح، يقال: أمطر الريح السحاب يمطر، وإذا أضيف الفعل إلى السحاب، يقال: مطر السحاب تمطر، ومطرت السماء، وأمطرت الريح السحاب، والفعل في الإمطار يتعدى إلى مفعولين، أحدهما:

  السحاب، والثاني: القوم.

  الأودية: جمع وادٍ، يقال: واد وأودية على غير قياس، وقد جمع: أوداه، وودا، فالوادي يدي إذا سال.

  والتدمير: الإهلاك، والدمار: الهلاك، دَمَرَ القومُ يَدْمُرُونَ دمارًا ودمورًا، ودَمَّرَهُ غيره تدميرًا أهلكه.

  · الإعراب: قيل: «عارضًا» نصب على الحال، وإن شئت بالتكرير أي رأوهُ {عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} يعني مستقبلاً أوديتهم، فحذفت التنوين وأضيف إلى الاسم.

  {مُمْطِرُنَا} منكرة والمعنى: ممطر لنا، ولو كانت معرفة لم يجز؛ لأنك لا تصف عارضًا، وهي نكرة بمعرفة.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الوعيد عقبه بما نال عادًا تحذيرًا عن مثل حالهم، فقال - سبحانه -: