قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم 1 والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم 2 ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم 3 فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم 4 سيهديهم ويصلح بالهم 5 ويدخلهم الجنة عرفها لهم 6}
  وقيل: ينزل قوله: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا} في الَّذِينَ قتلوا يوم أحد لما قال المشركون: أُعْلُ هُبَلُ، فقال المسلمون: الله أعلى وأَجَلُّ، فقالوا: يوم بيوم بدر، فقال المسلمون: لا سواء؟ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، عن قتادة.
  · المعنى: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» قيل: أعرضوا، وقيل: صدوا غيرهم، وتحمل عليهما؛ لأنه لا كافر إلا وكما يصد نفسه يصد غيره، وسبيل الله دينه المؤدي إلى رضاه، وقيل: صدوا عن بيت الله والحج، عن أبي مسلم. «أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ» قيل: أبطلها فلم يقبلها، وقيل: ما توهموه قربة وكانت معصية كإطعام الكفرة ونحوها، وقيل: أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي والمسلمين، وجعل الدائرة عليهم، عن الضحاك، وقيل: {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: أحبط ثوابها لكفرهم، وهي الأعمال التي لولا الكفر لاستُحِق عليها الثواب، وقيل: وجد أعمالهم ضلالاً «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» من القرآن والشرائع فلم يخالفوه في شيء، عن سفيان الثوري «وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ» يعني كما أبطل أعمال الكفار، كَفَّرَ معاصي المؤمنين، وهذه الآية أصل في الإحباط والتكفير «وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ» قيل: حالهم، عن قتادة، وقيل: شأنهم، عن مجاهد، أي: أصلح حالهم في الدارين، وقد فعل ذلك بأصحاب محمد ÷، أظفرهم على الأعداء، وصيرهم خلفاء الأرض بعده، وبشرهم بالجنة «ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي: فعلنا لكل واحد من الفريقين لأجل فعلهم جزاء لهم، والكافرون «اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ» قيل: الشيطان، وقيل: هو كل باطل من