قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم 1 والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم 2 ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم 3 فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم 4 سيهديهم ويصلح بالهم 5 ويدخلهم الجنة عرفها لهم 6}
  القتل بعد الأسر، عني الحسن، وجعل في الآية تقديمًا وتأخيرًا كأنه قيل: فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها، قال: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}.
  وروي أن الحجاج أتي بأسير فقال لابن عمر: اقتله، فقال ابن عمر: ما بهذا أمر الله تعالى، يعني بقوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} فحكي عن ابن عمر مثل مذهبه، وحكي مثله عن عطاء.
  وقيل: إنه منسوخ بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، وبقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} عن قتادة، والسدي، وابن جريج، وروي عن ابن عباس: الفداء منسوخ بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، وروي مثله عن الضحاك.
  وقيل: ليست بمنسوخة، وحكمه ثابت، عن ابن عمر، والحسن وعطاء؛ لأن النبي ÷ مَنّ على أبي عزة، وقتل عقبة بن أبي معيط، وفادى أسارى بدر.
  والذي ذهب إليه أبو حنيفة في الأسرى أنه يجوز القتل والاسترقاق، فإن أسلم لم يجز القتل، وجاز الاسترقاق، ولا يجوز المن، ولا المفاداة بالمال على ظاهر المذهب.
  وقال محمد في (السير الكبير): لا بأس به، فأما المفاداة بأسرى المسلمين ففيه روايتان، قال في الأصل: يجوز، وروى الحسن عنه أنه لا يجوز، وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز، وذكر أصحابنا أن قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} منسوخ بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]؛ لأن (براءة) نزلت بعد هذه السورة، وكذلك المنّ