قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم 7 والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم 8 ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم 9 أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها 10 ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم 11}
  وقيل: في الدارين، ومعنى تعسًا، قيل: بُعْدًا لهم، عن ابن عباس، وقيل: سقوطًا، عن أبي العالية، وقيل: تجنبت عن كل خير، عن الضحاك، وقيل: شقاء، عن ابن زيد، وقيل: التعس عبارة عن خوف القلب، والجزع، وإلقاء الرعب في قلوبهم حتى لا يثبتوا بدل ما ذكر في المؤمنين: «يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»، «وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ» أي: أبطلها؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان، وقيل: أحبط ثوابها، قال أبو مسلم: هو يحتمل معنيين:
  أحدهما: أنهم يخيبون في سعيهم، فلا يبلغون ما يريدون بالنبي ÷ والمسلمين.
  والثاني: أن أعمالهم التي يقدرون أنها أقرب إلى الله تعالى غير مقبولة منهم.
  و «ذَلِكَ» يعني التعس والإبطال، «بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ» من القرآن والدين على رسوله حسدًا له، وقيل: ذلك الأمر لأنهم كرهوا الإيمان بما أنزل الله والعمل به «فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ» يعني الأعمال التي أمر لا كفرهم فهو لا يستحق الثواب، فأحبط ثوابها، وهو كالمحاسن العقلية، والإيمان ببعث الرسل «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» قيل: معناه هلا ساروا ونظروا في آثارهم، وقيل: معناه هلا ساروا ورأوا عواقب أولئك، فهلا اعتبروا كما يقال: ألم آكل؟ أي: أَكَلْتُ «دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِمْ» أي: أهلكهم، ودمر الله منازلهم «وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا» أي: لهَؤُلَاءِ الكفار أمثال ذلك مما تقدم من العذاب للأعداء، والنصرة للأولياء «ذَلِكَ بأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا» «يتولى نصرتهم وحفظهم «وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ» أي: لا ناصر يدفع العذاب عنهم.