التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم 12 وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم 13 أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم 14 مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم 15}

صفحة 6447 - الجزء 9

  بعينه، ويستعمل في نظيره، والمثل بفتح الميم: يستعمل في النظير، ويوضع موضع الصفة.

  أَسَنَ الماء يَأْسِنُ فهو آسن: إذا تغير، وكذلك أجن يأجن، وفيه ثلاث لغات، ويقال: تأسن تغير، وأَسِنَ الرجل: غشي من ريح البئر، والمصدر أسنٌ وأُسُون، وماء آسِن: متغير، ويقال: صفا الشيء يصفو فهو صافٍ، وصفيته إذا لم يشبه غيره، والمصفى الذي لا يشوبه شيء.

  والمعى: جمعه: أمعاء، ويُقال: مِعًى ومِعَيان وأمعاء، ومنه الحديث: «المؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر في سبعة أمعاء»، قيل: فيه وجوه من التأويل:

  أولها: أن المؤمن يسمي الله تعالى فيبارك له في أكله.

  وثانيها: أنه في رجل خاص.

  وثالثها: هو مَثَلٌ للمؤمن في زهده في الدنيا، وللكافر في حرصه عليها، وهذا أحسن ما قيل فيه.

  ورابعها: أن المؤمن تضيق عليه الدنيا، والكافر يصيب منها.

  · الإعراب: «مَثَلُ» رفع لأنه خبر ابتداء محذوف، تقديره: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، وقيل: هو ابتداء وخبره محذوف، أي صفة الجنة ما ذكرنا، وهو أن فيه كذا، وقال: «أَهْلَكْنَاهُمْ» ولم يقل: أهلكناها؛ لأنه أراد الأهل.

  «قُوَّةً» نصب على التمييز.

  {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} أي: كم من قرية.

  · النزول: قيل: لما خرج رسول الله ÷ إلى الغار التفت إلى مكة، وقال: «أنت أحب بلاد