التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم 16 والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم 17 فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم 18 فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم 19}

صفحة 6452 - الجزء 9

  · الإعراب: الفاء في قوله: {جَاءَ أَشْرَاطُهَا} عطف على جملة فيها معنى الجزاء، كأنه قيل: إن تأتهم بغتة فقد جاء، إلا أن القراءة بفتح (أنْ).

  و {أنى لهم} استفهام، والمراد من أين وكيف، ومنه: {أَنَّى لَكِ هَذَا} قال الكميت:

  أنَّى وَمِنْ أَيَنْ آبَكَ الطَّرَبُ

  ومعناه: التقرير عليهم، أي: ليس لهم ذلك.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا} في المنافقين، {لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} في ابن مسعود، وذلك أن النبي ÷ كان يخطب الناس، ويعيب المنافقين، فلما خرجوا قالوا لابن مسعود: ما قال؟ عن مقاتل. وقال ابن عباس: {لِلَّذِينَ أُوتُوا} أنا منهم، وقد سئلت فيمن سُئل.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال المنافقين، فقال - سبحانه -: «وَمِنْهُمْ» أي: من الكافرين الذين تقدم ذكرهم؛ لأن المنافق كافر، وقيل: الضمير يعود إلى الفرقة المستمعة «مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيكَ» أي: إلى قراءتك ودعوتك وكلامك، أراد المنافقين يستمعون ولا يعون، ولا يتفكرون «حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ» أي: تفرقوا من مجلسك «قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» من الصحابة وهم الَّذِينَ استمعوا القرآن وقبلوه وعملوا بما فيه «مَاذَا قَالَ آنِفًا» يعني أي شيء كان يقول الرسول الساعة؟ وقيل: قالوا ذلك تبعيدًا من الصواب،