التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم 16 والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم 17 فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم 18 فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم 19}

صفحة 6453 - الجزء 9

  وتحقيرًا لقوله، يعني لم يقل شيئًا فيه فائدة، وقيل: يحتمل أنهم سألوا رياء ونفاقًا، أي: لم يذهب عني من قوله إلا ما قال آنفًا، فماذا قال؟ أَعِدْهُ عَلَيَّ لِأَنْ أحفظه «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ» أي: وسم بسمة الكفار، وقيل: أولئك الَّذِينَ خلا بينهم وبين اختيارهم إذ لم يكن لهم لطف حتى يهتدوا، وصارت قلوبهم مطبوعًا عليها «وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ» أي: اتبعوا الهوى دون الدليل «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا» يعني المؤمنين اهتدوا بما سمعوا عن النبي ÷ «زَادَهُمْ هُدًى» الضمير في قوله: «زادهم» يحتمل ثلاثة أوجه: قيل: زادهم اللَّه، وقيل: زادهم قراءة القرآن وقول النبي، وقيل: استهزاء المنافقين زاد هَؤُلَاءِ المؤمنين، وقوله: {زَادَهُمْ هُدًى} قيل: أدلة يشرح بها صدورهم، ويقوي بصيرتهم، ويثبتهم على الدين، وقيل: زادهم ألطافًا، وقيل: اهتدوا بالإيمان زادهم بالشرائع هدى، وقيل: اهتدوا بالمنسوخ وزادهم هدى بالناسخ، وقيل: زادهم استماع القرآن هدى «وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ» قيل: آتاهم تقواهم بلطفه لهم، وقيل: آتاهم ثواب تقواهم؛ عن سعيد بن جبير، وأبي علي، وأبي مسلم، وقيل: آتاهم بما سمعوا من النبي ÷ ما تتقوى به بصائرهم، ولا يجوز أن يحمل على أنه تعالى يخلق فيهم تقواهم، لأنه يبطل أن يكون فعلهم مضافًا إليهم، ولا يستحقون به مدحًا، ولا بتركه ذمًا «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً» فجأة من غير أن يشعروا بها «فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا» قيل: علاماتها، واختلفوا في ذلك، فقيل: هو بعثة محمد ÷، ونزول آخر الكتب، وانشقاق القمر، وقيل: المراد بالآية أنه لا