قوله تعالى: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم 20 طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم 21 فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم 23 أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها 24 إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم 25}
  أَبْصَارَهُمْ» أي: لا يعون ما يسمعون، ولا يبصرون ما به يعتبرون، فهم بمنزلة الأصم والأعمى، عن أبي مسلم، وقيل: في الآخرة لا يهتدون إلى الجنة، بمنزلة الأعمى في الدنيا، عن أبي علي، ولا يجوز حمله على أنهم صاروا صمًا عميًا؛ لأنهم لو كانوا كذلك لما ذموا على أنهم لا يسمعون، ولا يبصرون، وقيل: الصمم لا يذكر إلا في الأذن فلذلك أطلق، والعمى يذكر مقرونًا بالبصر وبالقلب وغيره؛ فلذلك قرنه بالإبصار «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ» أي: هلا يتفكرون فيه، يعني في أوامره، ونواهيه، ومواعظه، وأدلته «أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» قيل: (أم) بمعنى الاستفهام، أي: أعلى قلوب أقفال تمنعهم عن الإيمان، وقيل: (أم) بمعنى بل؛ أي: بل على قلوبهم أقفال، والأول: إنكار، أي: ليس على قلوبهم ما يمنعهم من الإيمان. والثاني: بل في قلوبهم من الكفر والإلف والعادة ما يمنعهم من الإيمان «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى» أي: تركوا الإسلام بعدما بان لهم طريق الحق، وقيل: هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد ÷، وكانوا يعرفونه، ويجحدون بعثته، مكتوبًا عندهم، عن قتادة، وقيل: هم المنافقون، عن ابن عباس، والضحاك، والسدي، كانوا يؤمنون عند النبي ÷ ثم يظهرون الكفر عند قومهم، فذلك ردة منهم، وقيل: هم قوم أسلموا بمكة ثم ارتدوا، وقُتلوا يوم بدر، «الشَّيطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ» قيل: زين لهم من أفعالهم ما وافق أهواءهم، وأعطاهم سؤلهم، وقبلوا منه، أي: دعاهم الشيطان إلى ما يريدون، ووافق دعاؤه مرادهم، وسؤلهم وأمنيتهم، عن أبي مسلم، وقيل: سهل لهم «وَأَمْلَى لَهُمْ» وقيل: أوهمهم طول العمر مع الأمن من المكاره، وأبعد لهم في الأمل والأمنية، وقيل: بسط لهم آمالاً فاغتروا بها، واتكلوا عليها، وقيل: الله أملى لهم، أي: مد لهم حتى اغتروا.