قوله تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم 31 إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم 32 ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم 33 إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم 34 فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم 35}
  يجوز عليه حدوث العلم، ولأن الإعلام قط لا يكون لظهور العلم؛ بل يكون لظهور المعلوم «وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ» قيل: نبين أخباركم وأعمالكم فيما نعدكم به، فيظهر المغيب من ذلك، وقيل: نجازيكم عليها.
  ثم عاد إلى ذكر الكفار، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» قيل: أعرضوا عن دينه، وقيل: صدوا غيرهم، ويحمل عليهما؛ لأن الكافر كما يصد نفسه يصد غيره «وَشَاقُّوا الرَّسُولَ» عصوه وخالفوه «مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى» اتضح لهم الحق بالأدلة، قيل: هم قوم تبين لهم الهدى فارتدوا عنه، وقيل: هم المنافقون آمنوا ثم كفروا، وقيل: هم أهل الكتاب ظهر لهم أمر الدين فلم يقبلوا، وقيل: هم علماء السوء ورؤساء الضلالة، تمسكوا بالبدع والضلالة حفظًا على الجاه والرئاسة؛ لأن العناد يضاف إلى الخواص «لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيئًا» بكفرهم، فإن وبال عنادهم يعود عليهم، فيضرون بأنفسهم «وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ» قيل: أعمالهم الذي قدروها طاعة، وليست كذلك، وقيل: أعمالهم في غير ذات الله تعالى لن تنفعهم، وقيل: طاعتهم التي لولا الكفر لأثيبوا عليها، وقيل: هو كيدهم بالنبي ÷ وأصحابه «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ» فيما أمركم به «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» فيما بلغكم وشرع لكم «وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ» بالكفر والمعاصي، قيل: لا تمنُّوا على رسول الله ÷ فتبطل أعمالكم، فنزلت في بني أسد، عن مقاتل، وقيل: بالعجب والرياء، وقيل: بالكبائر «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» بينا معناه {ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كفَّارٌ} أصروا على الكفر «فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» (لن) للتأبيد، أي: قط لا يغفر لهم: للكفار.
  ثم عاد الكلام إلى الجهاد، فقال سبحانه: «فَلَا تَهِنُوا» قيل: لا تضعفوا، عن مجاهد، وابن زيد، يعني لا تضعفوا في لقاء العدو «وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ» إلى الصلح والمسالمة «وَأَنْتُمُ الْأَعْلوْنَ» أي: القاهرون الغالبون، عن مجاهد، أشار إلى أن الغلبة