قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا 1 ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما 2 وينصرك الله نصرا عزيزا 3 هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما 4 ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما 5}
  «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ» قيل: ما تقدم قبل الفتح، وما تأخر عنه، وقيل: ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها، عن أبي علي، وقيل: ما وقع وما لم يقع على طريق الوعد بأنه يغفره إذا كان، وقيل: أراد الأول أن جميع ذلك مغفور؛ لأن مثل هذا يؤكد المغفرة في أنها تعم، عن أبي علي، وقيل: أراد الأول والآخر من ذنبك، عن أبي مسلم، وقيل: ما تقدم من الرسالة وما تأخر إلى وقت نزول هذه السورة، وقيل: «مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ» ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك «وَمَا تَأَخَّرَ» من ذنوب أمتك بدعوتك، عن عطاء الخراساني، وقيل: هو على التقدير، أي: لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه «وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ» بالنبوة والعلم، وقيل: في الدنيا بإظهارك على عدوك وبقاء حكمك وشرعك، وفي الآخرة برفع محلك «وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا» قيل: يدلك على الطريق المستقيم، والهداية هو البيان والدلالة، وقيل: يهديك إلى الثواب والجنة، وقيل: بسببه إلى الطريق المستقيم بألطافه وتأييده، وقيل: يهدي بك، وأولى الوجوه الأول؛ لأنه ظاهر الكلام، «وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا» أي: غالبًا، وقيل: معزًا لا يصل إليك أحد من أعدائك «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ» أي: الطمأنينة، وقوة القلب، وزوال الرعب في معنى قول ابن عباس، وقيل: يقوي قلوبهم بالوعد والوعيد، ويدخل فيه الصلح الذي كان سبب الأمن، وقيل: بألطافه، وهو ما أسكن قلوبهم من تعظيم الله ورسوله وطاعته «لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ» قيل: ليزدادوا مع النصرة في الدين طاعة في مجاهدة أعداء الله، وسائر أمور الدين، وقيل: ليزداد يقينهم بما يرون من الفتوح، وعلو كلمة الإسلام على وفق ما وعد، وقيل: تصديقًا بشرائع الإسلام، فإن الله تعالى بعث نبيه بشهادة أن لا إله إلا الله، فلما صدقوه زادهم الصلاة، فلما صدقوه زادهم الزكاة، فلما صدقوه زادهم الصيام، ثم زادهم الحج والجهاد حتى أكمل لهم دينهم، عن ابن عباس،