التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الألباب 197}

صفحة 814 - الجزء 1

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى من لا يصلح منه التمتع، فقال تعالى: «ذَلِكَ» يعني ما تقدم ذكره من التمتع والقِران، عن أبي حنيفة ليس لأهل مكة، ومن يجري مجراهم ممن داره وراء الحرم متعة ولا قران، وهو قول أكثر العلماء. وقيل: لهم ذلك، وليس عليهم الهدي، وذلك إشارة إلى الهدْي، عن الشافعي «لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» وهو أن تكون داره وراء الحرم «وَاتَّقُوا اللَّهَ» يعني معاصيه وعقابه «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقَابِ» يعني عقوبته شديدة.

  · الأحكام: الآية تدل على منع أهل مكة مما أبيح لغيرهم، وقد بَيَّنَّا الخلاف فيه، والآية تدل على قول أبي حنيفة، وروي عن ابن عمر مثل ذلك، وذلك لا يعرف اجتهادًا فحمل على التوقيف، ثم اختلفوا من هم؟ فقال أبو حنيفة: من كان في المواقيت وما بعدها إلى مكة، وقال مالك بن أنس: أهل مكة، وقال الشافعي: من كان بينه وبين مكة مسافة لا يقصر فيها الصلاة، وروي عن ابن عباس أنهم أهل الحرم. واعتبر أبو حنيفة جواز دخول مكة بغير إحرام فهو كالمكي خلاف الآفاقي.

  ويدل قوله: «واتقوا اللَّهَ» على أن ما تقدم واجب؛ فلذلك أمر بإقامتها.

  وتدل على بطلان قول المرجئة؛ لأن عندهم من أتى بالشهادتين، فلا خوف عليه.

قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٧}