قوله تعالى: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا 6 ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما 7 إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا 8 لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا 9 إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما 10}
  وقيل: كان سبب البيعة أنه ÷ بعث عثمان رسولاً إلى أهل مكة، فأرجف بقتله.
  · المعنى: ولما تقدم الوعد للمؤمنين عقبه بالوعيد للكافرين، فقال - سبحانه -: «وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ» الَّذِينَ أبطنوا الكفر، «وَالْمُشْرِكينَ وَالْمُشْرِكَاتِ» المظهرين للكفر، فصل بينهم لهذه الفائدة وإن كان المنافق كافِرا «الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ» قيل: ظنهم أن الله لا ينصر نبيه والمؤمنين، وقيل: هو في قوله: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} أي: لا يرجعون من الحديبية سالمين، وظنوا عليهم دائرة السوء، وقيل: ظَنُّهُمْ أن الكفار يغلبون، وقيل: ظنهم أن من عادى محمدًا لا يغالب، وكل ذلك ظنون قبيحة، فخيب الله ظنهم، وجعل كل مكروه عليهم» «عَلَيهِمْ دَائِرَةُ السَّوْء» أي: راجعة السوء، وقيل: هو دعاء عليهم بالهلاك، وقيل: هو خبر بأنه جعل سوء العاقبة عليهم، ووبال ظنهم عائدًا عليهم، فينالهم من الأسر والقتل والذل في الدنيا، والعقاب الدائم في الآخرة «وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ غَضَبُهُ: إرادة عقوبتهم «وَلَعَنَهُمْ» أبعدهم من رحمته «وأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا» أي: بئس المرجع في حقهم «وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» من الملائكة والمؤمنين «وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا» أي: قادرًا على ما يشاء لا يُمْنَعُ منه، لا يحتاج في هلا كهم إلى جند لكنه حكيم لا يفعل إلا الحكمة لذلك أمر بالجهاد، وقيل: لم يبح الصلح لضعف وهو القادر وله الجنود؛ لكنه أباح لمصلحة.
  ومتى قيل: لِم أعاد ذكر الجنود؟
  قلنا: لأن الأول متصل بذكر المؤمنين، أي: فله الجنود الذي يقدر أن يعينكم بهم، والثاني: يتصل بذكر الكفار، أي: فله الجنود التي يقدر على الانتقام بهم منكم.