قوله تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما 26 لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا 27 هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا 28 محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما 29}
  وقيل: هو فتح مكة، عن أبي علي، «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ» يعني محمداً ÷ «بالهُدَى» أي: الطريق المؤدي إلى الحق، وقيل: الهدى: الأدلة، وقيل: القرآن «وَدِينِ الْحَقِّ» هو دين الإسلام «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» أي: ليظهر دين الحق على سائر الأديان، فيكون هو الغالب المعول عليه دون غيره، فاختلفوا. وقيل: يظهره بالحجة، وقيل: بالغلبة، والقهر، وقيل: بالإظهار والانتشار في البلدان، وقيل: يظهره بخروج عيسى، فلا يبقى في الأرض دين سواه، وهذا ليس بشيء؛ لأنه ينزل بعد انقطاع التكليف، والأقرب أنه يظهر بإعزازه وتأييده المسلمين بالحجة والغلبة والفتوح، وإذلال أهل الكفر، وإلقاء الرعب في قلوبهم على ما نشاهده «وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» أي: كفاه شهادة الله سبحانه له، وشهادته له إظهار المعجزات عليه، وإخباره بصدقه ورسالته، وقيل: يشهد برسالته يوم القيامة وأنه بلغ {مُّحَمَّدٌ رسُولُ اللَّهِ} قيل: نص على اسمه لتزول كل شبهة، وقيل: لأنه ذكره في الكتب بهذا الاسم «وَالَّذِينَ مَعَهُ» قيل: أصحابه «أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ» أي: غلاظ عليهم في قتالهم ومعاداتهم «رُحَمَاءُ بَينَهُمْ» يعني يتعاطفون ويتوادون «تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا» يعني يُصَلُّون «يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا» قيل: يطلبون فضله بأن يدخلهم الجنة، ورضوانه أن يرضى عنهم، وقيل: يبتغون مصالح الدنيا من وجهها «سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» قيل: علامتهم يوم القيامة، عن ابن عباس، والحسن، وعطاء، والربيع بن أنس، قال شهر ابن حوشب: تكون مواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر، وقيل: علامتهم في الدنيا من أثر الخشوع، عن مجاهد، وقيل: أثر التراب على وجوههم، عن عكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي العالية، قال سفيان: يصلون بالليل، فإذا أصبحوا