قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين 6 واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون 7 فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم 8 وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين 9 إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون 10}
  الله ولطفه وهدايته، وقيل: منة عليهم ونعمة، وقيل: التحبيب والتكريه فضلا من اللَّه ونعمة «وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» لا يفعل إلا الحكمة، عليم بالمصالح، وقيل: عليم بهم يجازي كل أحد بما يستحقه «وَإنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» ولا شبهة أن إحداهما باغية والأخرى عادلة؛ لأنهما كانتا مؤمنتين قبل القتال، كما يقال: لو أن طائفة من المؤمنين ارتدوا فاقتلوهنم «فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا» بتوسط ومصالحة «فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى» طلب ما ليس له، ظالمًا للفرقة الأخرى، وأبى الإجابة إلى حكم الكتاب «فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ» أي: ترجع «إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» بالتوبة والطاعة «فَإِنْ فَاءَتْ» رجعت «فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا بِالْعَدْلِ» بالقسط حتى يكونوا سواء، لا يكون من أحدهم على الآخر جور وشطط فيما يتعلق بالضمانات والأُرُوش؛ بل حال كل واحد كحال الآخر «وَأَقْسِطُوا» أعدلوا «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» العادلين «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» قيل: سماهم مؤمنين وإخوة قبل القتال، وقيل: سماهم بذلك بعد الصلح والرجوع؛ لأن حال القتال حال براءة وإحن وقطيعة، لا حال أُخُوَّة وألفة «فَأَصْلِحُوا بَينَ أَخَوَيْكم» قيل: احملوهم على حكم الشرع «وَاتَّقُوا اللَّهَ» في الفرقة «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» أي: لترحموا إن فعلتم ما أمرتم به.
  · الأحكام: في هذه الآيات أحكام:
  منها: في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الآية، فتدل على أن الفاسق لا يقبل خبره ولا شهادته، واختلفوا في الفاسق من جهة التأويل، فالذي عليه الفقهاء أنه يقبل؛ لأن الخلاف وقع والصحابة متوافرون، وكان بعضهم لا يرد خبر بعض، وقال