التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون 11 ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم 12 ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13}

صفحة 6534 - الجزء 9

  غيرهم سموا بذلك لأنهم تأولوا {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا} على أن الشعُوب من العجم كالقبائل من العرب، وقال أبو عبيد: الشعوب العجم، وأصل الشعوب من التشعب وهو كثرة تفرقهم في النسب، يقال: شغبته: جمعته، وشعبته: فرقته، وهو من الأضداد، شعب الرجل أمره: إذا فرقه، وشتته، ومنه حديث عائشة في صفة أبيها «يرأب شعبها»، أي: شعب الأمة لما افترقت كلمتها بينها، ويكون التشعب من الإصلاح، ومنه قيل لمن يصلح البِرَامَ المتكسرة: شَعَّاب.

  · النزول: أما قوله: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}:

  قيل: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان في أذنه وقر، وكان إذا دخل تفسحوا له حتي يقعد عند النبي ÷، فيسمع ما يقول، فدخل المسجد، والناس قد فرغوا من الصلاة، وأخذوا أماكنهم، فجعل يتخطّى رقاب الناس، ويقول: تفسحوا تفسحوا، فانتهى إلى رجل، فقال له: أصبت مجلسًا، فأجلس خلفه مغضبًا، فلما انجلت الظلمة قال: من هذا؟ قال الرجل: أنا فلان، فقال ثابت: ابن فلانة، وذكر أمًّا له كان يُعَيَّرُ بها في الجاهلية، فنكس الرجل رأسه حياءً، ونزلت الآية، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في وفد تميم الَّذِينَ تقدم ذكرهم استهزؤوا بفقراء أصحاب رسول اللَّه ÷ كعمار، وخباب، وبلال، وصهيب، وسلمان، وسالم، فنزلت الآية، عن الضحاك.

  فأما قوله: {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ}: