قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم 14 إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون 15 قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم 16 يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين 17 إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون 18}
  فأما الإسلام ففي اللغة: الانقياد والاستسلام، وفي الشرع: هو والإيمان سواء؛ ولذلك يقال: رجل مسلم ويراد به المدح، كما يقال: رجل مؤمن ودَيِّنٌ، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[ال عمران: ٨٥] وقال - تعالى - {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٦}[الذاريات: ٣٥ - ٣٦]. فذكر مرة بالإسلام ومرة بالإيمان، ويقال: أسلم، دخل في السلم والانقياد، وأسلم دخل في الإسلام، كما يقال: أشتى وأصاف: دخل في الصيف والشتاء، والدخول ضد الخروج، وهما من صفات الأجسام، وشبه الإيمان بالدخول حيث اعتقده بالقلب.
  والمن: أصله القطع، ومنه: {غَيرُ مَمْنُونٍ}[فصلت: ٨].
  · الإعراب: {يَدْخُلِ} جزم ب {وَلَمَّا}، وكسرت لاجتماع الساكنين.
  و {يَلِتْكُمْ} أصله: يليت لات يَلِيتُ ليتًا، نحو: سار يسير سيرًا إلا أنه مجزوم، فحذف الياء لاجتماع الساكنين.
  · النزول: أما قوله: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا}:
  قيل: نزلت في أعراب مخصوصين، عن قتادة.
  وقيل: هم نفر من بني أسد بن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدب وأظهرواالإسلام، ولم يكونوا مؤمنين في السر، وكانوا يغدون ويروحون على رسول الله، ÷ ويقولون: قاتلك العرب، ولم نقاتلك كما قاتلك. غيرنا، ويلتمسون الصدقة، فنزلت فيهم هذه الآية، وفيهم نزل: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} عن سعيد بن جبير.