قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين 198}
  أنه غير ممنوع منها، فقال تعالى: «لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ» أي حرج «أَنْ تَبْتَغُوا» تطلبوا بالتجارة فضلا من ربكم «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ» دفعتم عنها «فَاذْكُرُوا اللَّه عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ» قيل: بالتلبية والدعاء، عن أبي علي، وقيل: الجمع بين صلاة المغرب والعشاء؛ لأنه لا ذكر يجب ثَمَّ إلا هذه، أو لأنه عطف عليه بالذكر الثاني، فوجب حمله على فائدتين «وَاذْكُرُوهُ» أي فاذكروا نعمه عليكم «كَمَا هَدَاكم» عند المشعر الحرام، وهو جانبا جبل مزدلفة «كمَا هَدَاكُمْ» يعني ينبغي أن يكون ذكركم له مقابلاً لنعمته عليكم، وهداكم لدينه، ومناسك حجه «وَإنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ» قيل: من قبل الهدى، وقيل: من قبل محمد ÷ كناية مذكور من غير مذكور «لَمِنَ الضَّالِّينَ» عن النبوة والشريعة، فهداكم إليه، كقوله: {وَوَجَدَكَ ضَاَلّا فَهَدَى}.
  · الأحكام: الآية تدل على إباحة التجارة في الإحرام، وأنه لا يؤثر في الحج، وهذا ظاهر؛ لأن أحد الفعلين غير الآخر، فقصده في أحدهما ابتغاء فضل اللَّه لا يقدح في صحة قَصْدِهِ في الآخر ابتغاء ثوابه، وقضاء المناسك، ولما أمر تعالى قبل ذلك بالتزود للآخرة أباح التزود في الدنيا؛ لئلا يظن أن ذلك محظور.
  وتدل على إباحة النسك، وطلب الحلال.
  ويدل قوله: «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ» على كَوْنٍ بعرفة يلزم الإفاضة منه إلى المشعر الحرام الذي هو الجمع والمزدلفة، فيدل على كون بعرفة، وكون بالمزدلفة، وليس فيه بيان وجوبه ووقته وكيفيته، وقد ثبت بالسنة أن الوقوف بعرفة ركن قال ÷: «الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج» ووقته من حين تزول الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، والاختيار أن يقف بعد الزوال إلى غروب