التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم 199}

صفحة 823 - الجزء 1

  الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، والاختيار أن يقف بعد الزوال إلى غروب الشمس، ثم يدفع، فابتداء الوقوف بالنهار، وآخره بالليل، هذا قول أكثر الفقهاء. وحكي عن مالك بن أنس أن وقت الوقوف بالليل، وإن لم يقف ليلاً لم يجز ولو وقف بالنهار، والأول هو الصحيح، وتدل عليه السنة، ويجمع في عرفات بين الظهر والعصر، ثم يقف حتى تغرب الشمس، ثم يدفع فيأتي مزدلفة، فيجمع بين المغرب والعشاء، والإمام شرط في الجميع عند أبي حنيفة، وكذلك المكان، وقال أبو يوسف ومحمد: ليس بشرط، ثم يبيت بالمزدلفة، ويغلس بصلاة الفجر، ثم يدفع قبل طلوع الشمس، وكان أهل الجاهلية يدفعون عن عرفة قبل غروب الشمس، ويدفعون من مزدلفة بعد طلوعها، ويقولون: أَشِرْقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِير، فأمر النبي ÷ بمخالفتهم.

  وتدل على أن المعارف ليست ضرورة؛ لذلك قال: «وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ».

  واختلفوا في الوقوف في المشعر بعد الصلاة، فقال أبي حنيفة: واجب إن تركه فعليه دم، وليس بركن، وتدل الآية عليه. وعن الليث أنه ركن. وقال الشافعي: إن دفع في النصف الأخير من الليل فلا شيء عليه، وفي النصف الأول قولان.

قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٩٩}

  · اللغة: الاستغفار: سؤال المغفرة، وأصل المغفرة: التغطية والستر، واللَّه تعالى يستر