قوله تعالى: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد 30 وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد 31 هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ 32 من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب 33 ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود 34 لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد 35}
  «مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» أي: ما يبدل وعدي ووعيدي «وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» أي: لا أعاقبهم بغير ذنب، ولا أجازي بالحسنة سيئة، ولا أمنع ثواب من استحقه.
  · الأحكام: يدل قوله: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} أن كل مكلف معه ملكان.
  ويدل قوله: {وَقَالَ قَرِينُهُ} أن كل أحد يقرن إلى قرينه، وعلى مخاصمة تجري لتوريك الذنب على متبوعه وبراءة المتبوع، وذلك تحذير من التقليد واتباع الهوى.
  ويدل قوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} أن وعيده لا خلف فيه، خلاف قول بعض المرجئة، وبهذه الآية احتج عمرو بن عبيد على أبي عمرو بن العلاء بمكة لما ناظره فى الوعيد.
  ومتى قيل: من أوعد غيره ثم خالف يعد إحسانًا؟
  قلنا: فينا ذلك؛ لأنا لا نعلم العواقب، فنخبر عن عزمنا، والله تعالى عالم بالعواقب فيخبر عنه كما يكون، وإلا كان كاذبًا. تعالى الله عن ذلك.
  ويدل قوله: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ} أنه قادر على الظلم ليصح التمدح بنفيه، وأنه لا يفعل الظلم، فيدل أن المعاصي ليست من خلقه؛ لأنه لو خلقها ثم عذب عليها كان ظلمًا، وأنه لا يعاقب المحسن، ولا يعاقب بغير ذنب، ولا يعاقب أطفال المشركين، فيبطل قول المجبيرة في هذه المسائل، وكذلك لا يجوز أن يأمر بشيء لا يُقدر عليه ثم يعاقب؛ لأنه ظلم.
قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ٣٠ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ٣١ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ٣٢ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ٣٣ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ٣٤ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ٣٥}