التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد 30 وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد 31 هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ 32 من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب 33 ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود 34 لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد 35}

صفحة 6568 - الجزء 9

  ليقروا بصدق رسوله، وقيل: بل خطاب لخزنة جهنم بأنها هل امتلأت، فيقولون: بلى لم يبق [موضع] لمزيد؛ ليعلم الخلق صدق وعده، عن الحسن. وقيل: بل هو إخبار عن امتلاء جهنم بحيث لا مزيد فيه لا أن هناك خطابًا، فعلى التأويلين الأولين هو استفهام، والمراد التقرير، وعلى الثالث المراد التقرير.

  ومتى قيل: كيف تضايق جهنم بأهلها؟

  قلنا: لأنه خلق ذلك على قدرهم، وقيل: فيه زيادة عقوبة لهم.

  «وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ» قيل: أراد هل من مزيد طلب الزيادة، عن أنس. وقيل: ينصرف المزيد إلى العصاة يعني هل من مزيد في العصاة فإن بالمكان بعض سعة، وزيف أبو علي ذلك وقال: المراد لا مزيد، وقيل: هو بمعنى الكفاية، عن مجاهد. وقيل: معناه لا مزيد، وهو قول أكثر المفسرين، وقول أبي علي، وهو الوجه لقوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ}⁣[الأعراف: ١٨]، وقيل: ما في مزيد، عن الحسن، وعمرو، وواصل. و (هل) بمعنى (ما) كقوله: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}⁣[فاطر: ٣].

  واختلفوا في هذا القائل، قيل: خزنة جهنم، عن أبي علي. فيكون القول حقيقة، وقيل: أهل النار، وقيل: ما يظهر من حاله من الامتلاء كأنه يخبر بذلك، والقول على هذا تَوَسُّعٌ، وهو جائز في اللغة، قال الشاعر:

  امْتَلَأَ الحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... مَهْلاً رُويدًا قَد مَلأتُ بَطَنْيِ

  وقال آخر:

  وقَالَتْ لَهُ العَيْنَانِ سَمْعًا وَطَاعَةً ... وَحَدَرَتا كَالدُّرِّ لَمَّا يُثَقَّبِ

  ونظيره: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}⁣[فصلت: ١١].