التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم 199}

صفحة 824 - الجزء 1

  على عباده ذنوبهم في الدنيا، فإن تاب غفر له في الآخرة أيضًا، ومنه المِغْفَرُ؛ لأنه يستر، ويستحب للإنسان أن يستر على نفسه ولا يجهر بالمعصية، ويستحب للشهود أن يستروا. وغفور وغافر فاعل المغفرة، إلا أن في غفور مبالغة، وذلك من صفة الفعل لأنه يوصف به لم يزل.

  · الإعراب: (ثُمَّ): للترتيب، وإنما رتب الإفاضة على المعنى الذي دل عليه الكلام، كأنه قال: أحرموا بالحج كما بين لكم ثم أفيضوا، وقيل: ثم أفيضوا من مزدلفة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى الإفاضة فقال: «ثُمَّ أَفِيضُوا» فيه قولان:

  الأول: قال بعضهم: المراد به الإفاضة من عرفات، ثم اختلفوا، فقيل: هو أمر لقريش وحلفائها، وهم الحُميس وكانوا يقفون بالمزدلفة ويفيضون عنها، ولا يقفون بعرفة، وسائر الناس يقفون بعرفة، وكانوا يقولون: نحن أهل اللَّه، فلا نخرج من حرم اللَّه، فأمرهم اللَّه تعالى بالوقوف بعرفة، وأن يفيضوا كما يفيض الناس، عن ابن عباس وعائشة ومجاهد والحسن وقتادة. وقيل: أمر لجميع الناس بالإفاضة، والناس هو إبراهيم #، عن الضحاك.

  الثاني: أن المراد به الإفاضة من المزدلفة إلى منى يوم النحر قبل طلوع الشمس للرمي والنحر، عن أبي علي. والآية تدل عليه؛ لأنه قال: «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ» ثم