قوله تعالى: {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب 41 يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج 42 إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير 43 يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير 44 نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد 45}
  وجه الإكرام، ونداء المسيء على وجه التهويل «مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ» قيل: لأن القبور مع تفاوت أماكنها يصل النداء إليها على سواء، كأنه نودي من مكان يقرب منهم، وقيل: صخرة بيت المقدس أقرب موضع من السماء «يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيحَةَ» قيل: النفخة الثانية للحشر إلى أرض الموقف «بِالْحَقِّ» أي: داعية بالحق والإنصاف «ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ» من القبور للجزاء «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ» ونحيي للإعادة لا يقدر على الحياة والموت غيره تعالى، وقيل: يميت لقطع التكليف، ويحيي للجزاء يوم القيامة، وكل ذلك حكمة منه تعالى «وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ» أي: إلى حكمنا، سمي المصير إلى حكمه مصيرًا إليه توسعًا «يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا» إلى المحشر، فمن وافد على ربه مُعَظَّمٍ مكرم، ومن آبق يَرِدُ على ربه فيهان، ومن مسحوب على وجهه إلى النيران «ذَلِكَ حَشْرٌ» أي: جمع بين الخلق بعد الموت «عَلَيْنَا يَسِيرٌ» أي: سهل لا يتعذر، وقيل: الإحياء والجمع في أَسْرع مدة علينا يسير مع تباعد ديارهم وقبورهم «نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ» في توحيد الله وفي نبوتك وتكذيبك، وإنا قادرون على جزائهم «وَمَا أَنْتَ عَلَيهِمْ بِجَبَّارٍ» قيل: لا تتجبر عليهم، وقيل: لا تجبرهم على الإسلام، أي: لست بمسلط عليهم لتجبرهم إنما بعثت منذرًا ومرغبًا وداعيًا، قال ثعلب: جاءت أحرف «فَعَّالٍ» بمعنى «مُفْعِلٍ»، دَرَّاك بمعنى مُدْرِكٍ، وسَرَّاع بمعنى مسرع، وبَكَّاء بمعنى مُبْكٍ، وسيف سَقَّاط بمعنى مُسْقِط ونحو ذلك، قال علي بن عيسى: لم يسمع من ذلك الإدراك من أدركت، وقيل: جَبَّار من قولهم: جبرته على الأمر، يعني أجبرته، وهي لغة كنانة، وهما لغتان، وقيل: ما أنت حفيظ عليهم في دعائهم يعني تحلم عنهم، وتحسن خلقك معهم ولا تعجل الانتقام، فنفى عنه صفة الجبارين، عن أبي علي. وقيل: لست برب تجازيهم بأعمالهم الجزاء، عن الحسن. «فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ» خصهم لأنهم ينتفعون به يتلون القرآن متدبرين فيه.