التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون 15 آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين 16 كانوا قليلا من الليل ما يهجعون 17 وبالأسحار هم يستغفرون 18 وفي أموالهم حق للسائل والمحروم 19 وفي الأرض آيات للموقنين 20 وفي أنفسكم أفلا تبصرون 21 وفي السماء رزقكم وما توعدون 22 فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون 23}

صفحة 6587 - الجزء 9

  لأن (ما) إذا اتصل به الفعل صار في تأويل المصدر كقوله: {بِمَا ظَلَمُوا} أي: بظلمهم.

  وقيل: إنه صلة أي: كانوا قليلاً من الليل يهجعون.

  · المعنى: لما تقدم وعيد الغافلين عقبه بالوعد للمتقين على عادته تعالى في الجمع بين الوعد والوعيد ترغيبًا وترهيبًا، فقال - سبحانه -: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ» الَّذِينَ يتقون المعاصي «فِي جَنَّاتٍ» أي: بساتين في الجنة، «وَعُيُونٍ» ما يجري فيها، فهَؤُلَاءِ يتنعمون وأولئك يعذبون «آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهم» أي: ما أعطاهم من كرامته؛ لأنهم كانوا قبل ذلك محسنين، عن الحسن. وقيل: قابلين من الله ما آتاهم من كرامته وثوابه جزاء لهم، وقيل: عاملين بما أمرهم ربهم من الفرائض التي أوجبها عليهم، عن سعيد بن جبير. «إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» أي: قبل دخول الجنة «مُحْسِنِينَ» في أعمالهم في الدنيا «كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ» أي: كانوا لا ينامون، وقيل: قليلون بين الناس، وكانوا لا ينامون، عن عكرمة. وقيل: كانوا قليلاً هجوعهم، عن الحسن، والزهري. وقيل: كانوا قليلاً من الليل يهجعون، والهجوع النوم، عن ابن عباس، وإبراهيم، والضحاك. واختلفوا، فقيل: كانوا يصلون صلاة الليل وكان فرضًا، وقيل: كانوا يتنفلون بصلاة الليل، وقيل: كانوا لا ينامون حتى يُصَلُّوا العتمة، عن محمد بن علي. وقيل: يصلون ما بين المغرب والعشاء، عن أنس بن مالك، وسالم. وقيل: قَلَّ

  ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها إما من أولها أو وسطها أو آخرها، عن مطرف. وقيل: كانوا يمدون الصلاة إلى السحر، عن الحسن. «وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» قيل: يستغفرون من الذنوب: يطلبون من الله مغفرتها، عن الحسن، وابن زيد.