التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 25 قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين 26 فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم 28 فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون 29 أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31}

صفحة 6621 - الجزء 9

  والريب: الشك، وريب الدهر: حوادثه وصروفه، قال الشاعر:

  تَرَبَّصْ بِهَا رَيْبَ الْمَنُونِ لَعَلَّهَا ... سَيَهْلِكُ عَنْهَا بَعْلُهَا أَوْ سيَجنَحُ

  ومعنى التربص: الانتظار، وتربص به: انتظر به خيرا أو شرا، وتربص به الشيء كذلك، وقال الفراء نتربص به رب المنون: أوجاع الدهر فيشغل عنكم، ويتقرق أصحابه، أَوْ عُمْر آبائه، فإنا قد عرفنا أعمارهم وسيجنح.

  والتربص: الانتظار بالشيء لانقلاب حاله إلى خلافها، والرُّبْصَةُ أيضًا الانتظار.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} في المقتسمين، اقتسموا أعقاب مكة يصدون الناس عن الإسلام، ويقولون في رسول الله ÷: إنه ساحر، وإنه شاعر، وإنه مجنون، يكفينا أمره رب المنون، كما أهلك من قبله زهير والنابغة.

  وقيل: بل نزل في رؤساء مكة كالوليد بن المغيرة، وأبي جهل بن هشام، وغيرهم.

  وقيل: قالوا: تربصوا به ريب المنون، فهو كأحد الشعراء يهلك كما هلكوا، وإن أباه مات شابًا، نرجو أن يكون موته كموت أبيه.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال المتقين في الجنة، فقال - سبحانه -: «وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى