التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم 44 فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون 45 يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون 46 وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون 47 واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم 48 ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم 49}

صفحة 6629 - الجزء 9

  والصعق: الغشيان والموت، ومنه قوله: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}⁣[الأعراف: ١٤٣] أي: غشي عليه، وقوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ}⁣[الزمر: ٦٨] أي: ماتوا.

  والنجم معروف، وأصله من الطلوع، نَجَمَ النبتُ، ونَجَمَ القَرْنُ والسِّنُّ.

  · الإعراب: {يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ}، جزم (يقولوا) لأنه جواب لقوله: {وَإِنْ يَرَوْا}.

  {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} أي: في ذلك الوقت.

  · النزول: قيل: قالوا: أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا، فنزل الله تعالى هذه الآية، فقال: لو سقط ما آمنوا، ولقالوا: سحاب مركوم.

  · المعنى: ثم أخبر تعالى عن جهلهم، وعقبه بالوعيد تسلية له، وأمرهم بالصبر والتسبيح، فقال - سبحانه -: «وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ» قيل: قِطْعَةً و قِطَعًا على حسب اختلافهم في أنه جمع أو واحد «سَاقِطًا» عليهم «يَقُولُوا» لفرط عنادهم «سَحَابٌ مَرْكُومٌ» أي: غيم ركب بعضه بعضًا يقينًا «فَذَرْهُمْ» أي: دعهم، وذلك وعيد لهم «حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ» قيل: يموتون، فإن عند الموت تبتدئ الصواعق، وقيل: يهلكون، وقيل: هو يوم القيامة، والصعق عند النفخة الأولى «يَوْمَ لاَ يُغْنِي» أي: لا يكفي «عَنْهُمْ كَيدُهُمْ» تدبيرهم واحتيالهم «شَيئًا» من عذاب الله النازل بهم «وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ» لا ينصرهم أحد بدفع العذاب «وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا» كفروا من هَؤُلَاءِ «عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ» أي: دون عذاب النار، وقيل: هو عذاب القبر، عن البراء بن عازب، وابن عباس، وقيل: هو القتل ببدر، عن ابن عباس بخلاف، وقيل: الجوع والقحط سبع سنين، عن مجاهد، وقيل: وقت البشارة، وقيل: عموم ذلك «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا