التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والنجم إذا هوى 1 ما ضل صاحبكم وما غوى 2 وما ينطق عن الهوى 3 إن هو إلا وحي يوحى 4 علمه شديد القوى 5 ذو مرة فاستوى 6 وهو بالأفق الأعلى 7 ثم دنا فتدلى 8 فكان قاب قوسين أو أدنى 9 فأوحى إلى عبده ما أوحى 10}

صفحة 6637 - الجزء 9

  صيحته بثمود حتى هلكوا، ومن شدته نزوله من السماء إلى الأرض وصعوده في ساعة، وقيل: «ذُو مِرَّةٍ» أي: ذو مرور في الهواء ذاهبًا وجائيًا، نازلاً وصاعدًا، عن أبي علي، وقيل: شديد القوى في أمر الله، ذو مرة في حدّه، عن أبي علي، وقيل: «ذوّ مِرَّةٍ»، أي: شديد حفظه لما يحمله الله من الوحي، وقيل: هو الله تعالى ذو مرة، أي: ذو قوة، أي: ذو مضاء على ما قدمنا «فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى» اختلفوا في قوله: «اسْتَوَى» وهو على ثلاثة أقوال:

  أولها: أنه كناية عن جبريل ومحمد ÷، ثم اختلفوا، فقيل: استوى محمد وجبريل، فاستوى كناية عن جبريل ومحمد - صلى الله عليهما، وقيل: استويا في القوة والصعود إلى السماء، وقيل: استويا في العلم بالوحي.

  وثانيها: أنه استوى جبريل أي: ارتفع وعلا في السماء بعد أن عَلَّمَ محمدًا، عن سعيد بن المسيب، وقيل: «فاستوى» أي: قام في صورته التي خلقه الله تعالى عليها، وهو بأفق السماء، وذلك أنه كان يأتي النبي ÷ في صورة آدمي، فسأله أن يريه نفسه في صورته، فأراه مرتين، مرة في الأرض، ومرة في السماء، وقيل: استوى اعتدل واقفًا في الجو؛ لأن النازل في الجو يكون منحطًا، فاستوى حتى رآه النبي، ÷. وقيل: استوى جبريل وهو بالأفق، عن الربيع، وقيل: اعتدل واقفًا في الهواء بعد أن كان ينزل بسرعة ليراه النبي ÷، عن أبي علي.

  وثالثها: أن «استوى» كناية عن الله تعالى؛ أي: بنى الدنيا، ثم استوى بأمره إلى السماء، عن الحسن، والأول هو الوجه لاتصاله ب «دَنَا فَتَدَلَّى»، وذلك لا يليق إلا بجبريل، ولأنه لا يجوز المكان على الله تعالى، وصرفه عن ظاهره مع إمكان حملة عليه لا يجوز.

  «وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى» الناحية الأعلى، قيل: مطلع الشمس، الذي يجيء منها