قوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى 11 أفتمارونه على ما يرى 12 ولقد رآه نزلة أخرى 13 عند سدرة المنتهى 14 عندها جنة المأوى 15 إذ يغشى السدرة ما يغشى 16 ما زاغ البصر وما طغى 17 لقد رأى من آيات ربه الكبرى 18}
  {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} الآيات، وكان المسرى بمكة، بعد موت أبي طالب من المسجد. وقيل: من بيت أم هانئ، أسري به بعدما صلى العشاء الآخرة، وعاد إلى مكة قبل الفجر.
  · المعنى: لم بين تعالى ما رآه النبي ÷ وحقق رؤيته، فقال - سحانه -: «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى» أي: ما كذب فؤاد محمد ما رأى بصره في ذلك الوقت، وتكذيب الفؤاد إيهامه أنه يرى شيئًا ولا يراه كالرائي السراب، وتقديره: ما كذب الفؤاد فيما رأى، واختلفوا في الذي رآه، قيل: جبريل على صورته التي خلقه الله تعالى عليها، عن ابن مسعود، وعائشة، وقتادة، وقيل: ما رأى من مقدور الله وملكوته، عن الحسن، وقيل: رأى ربه رواية عن ابن عباس، وهذا بمعنى عَلِمَهُ، زيادة عِلْم بما رأى من آيات محددة، فعند ذلك ازداد يقينًا، كقول إبراهيم: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠] وإن كان عَلِمَ ذلك.
  وزعم جماعة من المشبهة، وممن تكلم في هذه الآية أن محمدًا ÷ رأى ربه ليلة المعراج، ورووا ذلك عن ابن عباس وأنس بن مالك والربيع، ورووا أخبارًا تتضمن تشبيهًا عظيمًا، ثم رووا على الضد من ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، فرووا عن ابن عباس أيضًا ومحمد بن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب، أنه رآه بقلبه ولم يره بعينه، ورووا عن محمد بن كعب أن النبي ÷ سئل هل رأيت ربك؟ فقال: «رأيته بقلبي، ولم أره بعيني»، ورووا عن أبي ذر وأبي سعيد الخدري أن النبي ÷ سئل عن قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} قال: «رأيت نورا» ومثله رووا عن مجاهد وعكرمة.
  ورووا عن عبد الرزاق عن أبي عيينة، عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، أنه قال: إن محمدًا رأى ربه، قال الشعبي: فأخبرني مسروق، قال: سألت عائشة عن ذلك، فقالت: إنك لتقول قولاً، إنه لَيَقِفُ