التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفرأيتم اللات والعزى 19 ومناة الثالثة الأخرى 20 ألكم الذكر وله الأنثى 21 تلك إذا قسمة ضيزى 22 إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى 23 أم للإنسان ما تمنى 24 فلله الآخرة والأولى 25}

صفحة 6649 - الجزء 9

  لغطفان يعبدونها، فبعث النبي، ÷ خالد بن الوليد لقطعها، فجعل يضربها، ويقول:

  يا عُزَّ كُفْرانَكِ لا سُبْحَانَكِ ... إني رأيت الله قد أَهَانَكِ

  فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها، داعية بالويل والثبور، فقتلها، ورجع إلى رسول الله ÷ وأخبره بذلك، فقال: «لا عزى بعد اليوم».

  وقيل: صنم لغطفان، وضعها سعد بن ظالم الغطفاني فعبدوها، عن الضحاك.

  وقيل: بيت بالطائف تعبده ثقيف، عن ابن زيد.

  فأما مناة: كان صنمًا لخزاعة، عن قتادة، وقيل: كان بيتًا تعبده بنو كعب، عن ابن زيد، وقيل: صنم لهذيل وخزاعة يعبدها أهل مكة، عن الضحاك.

  «أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنُثَى» البنات «تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى» جائرة، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: منقوصة، عن سفيان، وقيل: ناقصة، عن الضحاك، وأبي علي؛ وذلك لأنهم جعلوا له ما يكرهون لأنفسهم، وقيل: عوجا، عن مجاهد، ومقاتل. وقيل: غير معتدلة، عن الحسن، وابن سيرين. وقيل: مخالفة، عن ابن زيد، والكل متقارب.

  ومتى قيل: كيف كانت جائرة؟

  قلنا: بنوا فاسدًا على فاسد، ومحالاً على محال؛ لأنهم أولاً أضافوا الأولاد إليه، وذلك محال، ثم جعلوا له الأدون، وهو البنات، ولأنفسهم البنين، والثالث: أنهم جعلوا البنات حجرًا ومدرًا.

  ثم بَيَّنَ تعالى أن ذلك ألقاب ممن عبدها لا معنى تحتها، فقال - سبحانه -: «إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا» أي: بصحتها «مِنْ سُلْطَانٍ» من حجة، وسميت الحجة سلطانًا؛ لأن صاحبها يقهر من حاجه ويتسلط عليه، عن أبي علي. «إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ» في قولهم: إنها آلهة «وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ» أي: تهواه