قوله تعالى: {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى 31 الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى 32 أفرأيت الذي تولى 33 وأعطى قليلا وأكدى 34 أعنده علم الغيب فهو يرى 35}
  والكُدْيَةُ: القطعة الغليظة من الأرض لا يعمل فيها الفأس وغيره، وفي حديث الخندق: (عرضت كدية) والجمع: كُدًى، وفي حديث فاطمة: (أنها خرجت إلى تعزية بعض جيرانها فلما انصرفت قيل لها: لعلك بلغت معهم الكُدى) يعني المقابر؛ لأن مقابرهم تكون في مواضع صلبة، أكدى الحافر يكدي: إذا بلغ الكدية بقطع الحرة، ومنه حديث عائشة ^ في أبيها: (سبق إذ ونيتم، ونجح إذ أَكْدَيْتُمْ) أي: ظفر أن خبتم، ومنَه أكدى الذي منع الخير، قال الحطيئة:
  فَأَعْطَى قَلِيلًا ثُمَّ أَكْدَى بِمَالِهِ ... وَمَنْ يَبْذُلِ الْمَعْرُوفَ فِي النَّاسِ يُحْمَدِ
  ومنه: كدى النبت: قَلَّ.
  · الإعراب: اللام في قوله: {لِيَجْزِيَ} لام كي، وقيل: لام العاقبة، وقيل: لام القسم. {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا}، تقديره: وليجزي.
  {إِلَّا اللَّمَمَ} قيل: استثناء منقطع؛ لأنه ليس من الكبائر والفواحش، قال الشاعر:
  وَبلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إلا اليَعَافِيرُ وإلَّا العِيسُ
  واليعفور: الأحمر من الظباء، والأعيَسُ: الأبيض، تقديره: لكن من يلم، وقيل: إنه استثناء من الفواحش؛ لأنه يشتمل على جميع الذنوب لقبحها، وقيل: هو استثناء من الكبائر، ومعناه: إلا أن يلم بها، ثم يتوب.
  · النزول: اختلف المفسرون في سبب نزول قوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} إلى آخرها، قيل: نزل في عثمان، كان ينفق ماله في سبيل الخير، فلامه عبد الله بن سعد بن شراحه، وكان أخاه من الرضاع، فقال عثمان: إن لي ذنوبًا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله