التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى 31 الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى 32 أفرأيت الذي تولى 33 وأعطى قليلا وأكدى 34 أعنده علم الغيب فهو يرى 35}

صفحة 6658 - الجزء 9

  وقيل: هو صغار الذنوب، كالنظرة والقبلة، مِنْ أَلمَّ بالشيء: إذا لم يدخل فيه، عن ابن عباس، وابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وحذيفة، ومسروق، والشعبي.

  وقيل: ما هو بين الحدين، حد الدنيا وعذاب الآخرة، عن ابن الزبير، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، ومقاتل، والكلبي، يعني ليس فيه حد، ولا يكثر فيه عذاب.

  وقيل: اللمم: عادة النفس حينًا بعد حين، عن عطاء بن أبي رباح.

  وقيل: هو ما هَمَّ على القلب، أي: خطر، عن سعيد بن المسيب، وهو حديث النفس من غير عزم؛ لأن العزم على الكبير كبير، وروي نحوه عن ابن الحنفية، وروي مرفوعًا: «إن للشيطان لمَّة، وأن للملَك لمَّة، فلمَّة الشيطان الوسوسة، ولمَّة الملك الإلهام».

  «إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ» أي: كثير المغفرة لا يتعاظمه ذنب، فيغفر الصغير والكبير {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}⁣[الأعراف: ١٥٦] وقيل: مغفرته أنه يمهل للتوبة ولا يعاجل بالعقوبة «هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ» وبأحوالكم، قيل: لضعفكم أسقط عنكم الصغائر، وفتح باب التوبة للكبائر، وقيل: هو أعلم بتفاصيل أموركم، وأعمالكم يجازيكم بها، وقيل: هو أعلم بأصحاب الصغائر، وأصحاب الكبائر، فيجازيهم بما يستحقونه «إِذْ أَنشَاكُمْ مِنَ الأَرْضِ» أي: خلق أباكم آدم من التراب «وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ» قيل: معناه: وإن كنتم أجنة في الأرحام، يعني مَنْ عَلِمَ تفاصيل أحوال الجنين، وكيفيته لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وقيل: إذا علم تفاصيل ما في الأرحام فيقدر على خلقه، فكذلك يقدر على إحياء الأموات وجمع أجزائها؛ لأنَّهُ عالم بتفاصيل ذلك «فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ» قيل: لا تمدحوا، عن ابن عباس، وجماعة، وقيل: التزكية أن يعتقد أنه المحق، وغيره المبطل من غير علم بذلك حقيقة، وقيل: