قوله تعالى: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى 36 وإبراهيم الذي وفى 37 ألا تزر وازرة وزر أخرى 38 وأن ليس للإنسان إلا ما سعى 39 وأن سعيه سوف يرى 40 ثم يجزاه الجزاء الأوفى 41 وأن إلى ربك المنتهى 42 وأنه هو أضحك وأبكى 43 وأنه هو أمات وأحيا 44 وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى 45 من نطفة إذا تمنى 46 وأن عليه النشأة الأخرى 47}
  «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» ونحوه، عن مجاهد. وقيل: تَحَمَّلَ ما أُمِرَ به وبلغ، عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن زيد. وقيل: وفى بما فرض عليه، عن مجاهد، وقيل: وفى رؤياه، وقام بذبح ابنه، عن الربيع، وقيل: شرائع الإسلام، وهي قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}[البقرة: ١٢٤] وقيل: أدى الأمانة، عن سفيان بن عيينة، وقيل: وفى أمور المناسك، عن الضحاك، وقيل: كان حلف لا يسأل مخلوقًا شيئًا، فلما قذف في النار، أتاه جبريل، وقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، ثم قيل: وفى، عن عطاء بن السائب. وقيل: قام بشرط ما ادعى؛ لأنه قال: أسلمت، فابتلي في ماله ونفسه وولده، فوُجد وافيًا في كل ذلك. «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» أي: لا يحمل على أحد عقاب غيره ولا ذنبه. ونظم الآية: ولا يحمل حامل حمل غيره.
  «وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى» أي: لا ينفع إلا بعمله «وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى» قيل: يراه مكتوبًا في ديوانه، وقيل: سوف يرى جزاءه يوم القيامة «ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى» أي: يكافأ على سعيه الجزاء الأكمل؛ لأنه ثواب دائم في دار البقاء، وقيل: يعرف أعماله ثم يجازى عليها؛ لأن (ثُمَّ) للتعقيب «وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى» أي: المرجع إلى الموضع، الذي لا ينفذ فيه حكم أحد إلا حكمه تعالى، وقيل: إلى ثوابه وعقابه ينتهي الخلق، وقيل: منه ابتداء المنَّة، وإليه تنتهي الآمال، وقيل: إليه منتهى الفكر، فلا فكرة في الرب، وروي مرفوعًا، وروى أنس أن النبي، ÷ قال: «إذا ذكر الرب فانتهوا»، وروي: «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق، فإنه لا يحيط به الفكرة».
  «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى» قيل: فعل سبب الضحك والبكاء، كما يقال: