التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى 48 وأنه هو رب الشعرى 49 وأنه أهلك عادا الأولى 50 وثمود فما أبقى 51 وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى 52 والمؤتفكة أهوى 53 فغشاها ما غشى 54 فبأي آلاء ربك تتمارى 55 هذا نذير من النذر الأولى 56 أزفت الآزفة 57 ليس لها من دون الله كاشفة 58 أفمن هذا الحديث تعجبون 59 وتضحكون ولا تبكون 60 وأنتم سامدون 61 فاسجدوا لله واعبدوا 62}

صفحة 6669 - الجزء 9

  · الإعراب: نصب «ثمودَ» ب (أهلك)، ولا يجوز نصبه بقوله: «فَمَا أَبْقَى» لأن (ما) لا يعمل ما بعدها في ما قبلها، لا يجوز: زيدًا ما ضربت؛ لأنها من الحروف التي لها صدر الكلام، وإنما قال: {كَاشِفَةٌ} قيل: أراد جماعة كاشفة، أو نفس كاشفة، ويجوز أن تكون مصدرًا، كالقافية، والعافية، والواقية، فتقديره: ليس لها كشف، وقيل: كاشفة بمعنى الانكشاف، كقوله: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ}⁣[الواقعة: ٢٠]، {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ}⁣[المائدة: ١٣] أي: خيانة، وقيل: فيه حذف أي: آلهة كاشفة، وقيل: دخلت الهاء للمبالغة، كقولهم: عَلَّامة ونسَّابة.

  · النزول: روي أنه لما نزل قوله: {وَلَا تَبْكُونَ} بكت أهل الصفة، فقال ÷: «لا يلج النار من بكى من خشية الله، ولا يدخل الجنة من بكى في معصية الله». وروي أنه لما نزلت هذه الآية: ما رؤي النبي ÷ ضاحكًا.

  · المعنى: ثم عدّ نعمه عليهم، وأوعدهم بعقابه إن كفروا، وحذرهم الغفلة، فقال سبحانه وتعالى: «وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى» قيل: أغنى بالمال، وأقنى بأصول الأموال، عن أبي صالح، كأنه جعل ذلك قنية لهم؛ ليكون له ولنسله وعقبه. وقيل: أغنى بالأموال، وأقنى أخدم، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، وقيل: أغنى بالمال، وأقنى أرضى بما أعطى، عن ابن عباس، وقيل: أغنى أكثر، وأقنى: أقل، عن ابن زيد، وتلا: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}⁣[الرعد: ٢٦، الإسراء ٣٠، الروم: ٣٧، سبأ: ٣٦، الزمر: ٥٢، الشورى: ١٢]. وقيل: أغنى بالمال، فيتناول أصول النعم وفروعها، وقيل: أغنى واحدًا بالملك، وأقنى آخر بالقناعة، وقيل: أغنى واحدًا بأن أعطاه ما يكفيه، وأقنى آخر بأن