التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى 48 وأنه هو رب الشعرى 49 وأنه أهلك عادا الأولى 50 وثمود فما أبقى 51 وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى 52 والمؤتفكة أهوى 53 فغشاها ما غشى 54 فبأي آلاء ربك تتمارى 55 هذا نذير من النذر الأولى 56 أزفت الآزفة 57 ليس لها من دون الله كاشفة 58 أفمن هذا الحديث تعجبون 59 وتضحكون ولا تبكون 60 وأنتم سامدون 61 فاسجدوا لله واعبدوا 62}

صفحة 6670 - الجزء 9

  زاد على قدر الكفاية، وقيل: أغنى بعد الفقر، وأقنى أفاد الأموال التي تقتنى، عن أبي علي. «وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى» أي: خالقه ومالكه، فلا ينبغي أن يعبد المربوب ويتخذ إلهًا، والشعرى نجم مضيء، وقيل: النجم الذي خلف الجوزاء، وكانوا يعبدونه في الجاهلية، عن مجاهد، وقتادة. وقيل: كانت خزاعة تعبدها، وبين ذلك لهم رجل يقال له: أبو كبشة. «وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى» قيل: هو عاد بن إرم، وهم الَّذِينَ أهلكوا يبغي بعضهم على بعض، فتفانوا بالقتل، عن ابن إسحاق، وقيل: هم قوم هود أهلكوا بالريح، والأُولَى الأسبق، وقيل: هم عادان، الأولى أهلكت بالصيحة، وهو صاحب إِرَم، والثانية أهلكت بالريح العقيم، وقيل: أولى لأنها أول الأمم هلاكًا بعد قوم نوح، وقيل: كان ثمود بقايا عاد، فكان عاد الأولى هم قوم هود، والثانية: ثمود «فَمَا أَبْقَى» أي: قوم صالح أهلكوا بالصيحة، فما أبقى منهم أحدًا، «وَقَوْمَ نُوحٍ» أي: أهلكنا قوم نوح «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل هَؤُلَاءِ «إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى» أي: أشد ظلمًا، وأشد بغيًا وتعديًا في حدود الله، وإنما وصفهم بذلك، قيل: لأنه طالت مدتهم، وكثرت دعوة الأنبياء لهم، فكثر تكذيبهم وردهم، فكانوا أظلم، وقيل: لم يكن قوم أطغى من قوم نوح، دعاهم نبي الله ألف سنة إلا خمسين عامًا، فكان آخرهم كأولهم، وقيل: كان الأب يوصي الابن بألا يقبل منه، فيتواصوا لذلك.

  واختلفوا في «أظلم» قيل: ظلموا أنفسهم بما فعلوا، وقيل: ظلموا رسولهم، وقيل: ظلموا الآيات بالجحود.

  «وَالْمُؤْتَفِكَةَ أهْوَى» أي: المنقلبة أهوى ترابها في الهواء، وهي قريات قوم لوط، قيل: سدوم، رفعها جبريل إلى السماء ثم أهوى بها، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: أربع قرى: صبوير، ودادوما، وعامورا، وسدوم «فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى» قيل: غشاها