قوله تعالى: {كذبت ثمود بالنذر 23 فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر 24 أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر 25 سيعلمون غدا من الكذاب الأشر 26 إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر 27 ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر 28 فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر 29 فكيف كان عذابي ونذر 30 إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر 31 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 32}
  «فِتْنَةً» نصب على الحال، يعني: إنا مرسلو الناقة في حال الفتنة، وأصله: إنا مرسلون، حذفت النون، ثم أضيف الاسم.
  · المعنى: ثم ذكر قصة ثمود، فقال تعالى: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ» وهم قوم صالح، كذبوا صالحًا «بِالنُّذُرِ» قيل: بالرسل وهم صالح وغيره، والنذر: جمع نذير، وقيل: بآيات الله وأخبار أنبيائه، وإنذاره بالوعد والوعيد «فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا» أي: أبشرًا مثلنا، ومنا بالنسب، «واحدًا» ليس له أعوان، ولا معه مَنْ صَدَّقَهُ من ملك ولا غيره، ونحن جماعة كثيرة وأشراف، أمع هذا نتبعه؟ وهذا من شبههم الركيكة؛ لأنهم تعلقوا بشيئين:
  أحدهما: أنه بشر، فَلِمَ خص بالنبوة دوننا؟
  فجوابه: أنه يصلح للنبوة دونهم من حيث معرفته بربه، وقيامه بأداء رسالته، وسلامة ظاهره وباطنه، ولأنه تعلق به مصالح الخلق دونهم.
  وثانيهما: أنه واحد ليس معه معين ولا مُصدِّقٌ:
  فجوابه: أن الحق لا يتعلق بالكثرة والقلة، وإنما يتعلق بالأدلة، فإذا ظهر عليه المعجز ثبت أنه رسول، ولأنه إذا كان واحدًا ثم علا أمره، وظهر دينه كان أبلغ في الإعجاز.
  «إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ» يعني إن اتبعناه نكون في ضلال، أي: ذهاب عن الحق والصواب، وقيل: في ضلال عن الدين «وَسُعُرٍ» قيل: في عذاب، عن ابن عباس، والحسن، وقيل: في جنون، عن الزجاج، والفراء، وأبي علي، وقيل: في عناء، عن قتادة، وقيل: في هلاك كما يقال: فلان أحرق نفسه، وقيل: في أمر يسعرنا، أي: يلهينا، وقيل: هذا جواب منهم لقول صالح، فإنه دعاهم إلى الحق، وحكم عليهم