قوله تعالى: {كذبت ثمود بالنذر 23 فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر 24 أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر 25 سيعلمون غدا من الكذاب الأشر 26 إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر 27 ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر 28 فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر 29 فكيف كان عذابي ونذر 30 إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر 31 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 32}
  بالضلال والنار إن لم يتبعوه، فقالوا: النار والضلال في اتباعك لا فيما نحن فيه، مبالغة في الرد عليه، وإنكارًا لما جاء به «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا» يعني كيف ألقي الوحي إليه مع استوائنا في الأحوال، وقيل: كيف أوحي إليه مع فقره، وقلة جاهه وأتباعه، ونحن رؤساء متبوعون، ذوو مال وجاه، وقيل: المراد بالذِّكْرِ الوحي، وقيل: النبوة والبعث، وقيل: الكتاب. «بَلْ هُوَ كَذَّابٌ» قيل: مُكَذَّبٌ فيما يقوله من النبوة والبعث، وقالوا: كذاب مبالغة «أَشِرٌ» قيل: بَطِرٌ لا يبالي ما يقول، وقيل: متكبر يتعظم علينا بادعاء النبوة «سَيَعْلَمُونَ غَدًا» إذا نزل بهم العذاب، وإنما ذكر غدًا للتقريب على عادة الناس يذكرون الغد ويريدون به العاقبة، يقولون: إن مع اليوم غدًا «مَنِ الْكَذَّابُ» أي: هو الكاذب أم هم، في تكذيب صالح، وهو «الأَشِرُ» البطر أم هم؟ فذكر مثل لفظهم مبالغة في توبيخهم، جزاء على سوء أفعالهم «إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ» أي: باعثوها بإنشائها على ما طلبوها معجزة لصالح، وقطعًا لعذرهم «فِتْنَةً» أي: امتحانًا واختبارًا، وفيه حذف، أي: طلبوا ناقة تخرج من صخرة صماء فقال: إنا مرسلوها كما سألوها، اختبارًا «لَهُمْ» وشدة في التعبد «فَارْتَقِبْهُمْ» أي: انتظر أمر الله فيهم، وقيل: ارتقبهم وما يصنعون «وَاصْطَبِرْ» أي: اصبر على أذاهم حتى يأتي أمر الله فيهم «وَنَبِّئْهُمْ» أي: أخبرهم «أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ» يين الناقة وبين قوم صالح، يوم لهم ويوم لها، وإنما قال: نبئهم تقنينًا لبني آدم «كُلُّ شِرْبٍ» نصيب من الماء «مُحْتَضَرٌ» يحضره من كان يومه، ففي يوم الناقة تحضره الناقة، وفي يومهم يحضرون الماء إذا غابت الناقة، وقيل: في يوم الناقة يحضرون اللبن، عن مجاهد، فشق عليهم ذلك من وجوه:
  منها: ترك ما ألفوه من دين آبائهم.
  ومنها: النظر في معجزة صالح والقول بنبوته.
  ومنها: ترك أصنامهم.