قوله تعالى: {إن المجرمين في ضلال وسعر 47 يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر 48 إنا كل شيء خلقناه بقدر 49 وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر 50 ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر 51 وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}
  ولا شبهة أن اسم القدرية اسم ذم؛ ولذلك ذمهم رسول الله ÷، ولعنهم وشبههم بالمجوس، فقال: «القدرية مجوس هذه الأمة»؛ ولذلك نجد كل أحد ينفيه عن نفسه، فإذا ثبت أنه اسم ذم فلنا أن ننظر من هم؟ ولماذا شبههم بالمجوس؟ وقد علمنا أن الْمُجْبِرَة هم القدرية لوجوه كثيرة ذكرها مشايخنا في كتبهم، وقد صنف الشيخ أبو علي في ذلك كتابًا، ونشير ههنا إلى جمل:
  منها: ما ثبت أن أهل العدل والتوحيد الذين ينفون عن الله تعالى كل قبيح وتشبيه هُم أهل الحق، فالذم مصروف إلى مخالفيهم.
  ومنها: ما ثبت أنهم بيَّنُّوا على الجملة المتفق عليها المعلوم من دين النبي ÷ ضرورة، المنطوق بها في القرآن أنه تعالى واحد لا شبيه له، وأنه عدل حكيم لا يفعل القبيح، فلم يَنْقُضُوا هذه الجملة بتفصيل، بخلاف الْمُجْبِرَة والمشبهة؛ لأنه ما من مسألة خالفوا أهل العدل والتوحيد فيها إلا ونقضوا بذلك أصلاً مجمعًا عليه من أصول الدين، وتفصيل ذلك يطول، فإذا تفكرت فيه علمت ذلك.
  ومنها: ما ورد من الأخبار عن النبي ÷ وأصحابه وأهل بيته في تفسير القدرية، وأنهم الْمُجْبِرَة، وأنهم أعداء الرحمن، وشهود الشيطان.
  ومنها: ما روي أن المشركين خاصموه في القدر، أو وفد نجران على ما روي في سبب النزول، حتى نزلت هذه الآيات، وقد حكى الله تعالى مذهب أولئك، وكيف جادلوا فقال - سبحانه -: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}[الأنعام: ١٤٨] الآية إلى آخرها، وفي (النحل): {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ}[النحل: ٣٥] فخاصموا الرسول في مذهبهم، وهو مذهب الْمُجْبِرَة بعينه، وفي