التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن المجرمين في ضلال وسعر 47 يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر 48 إنا كل شيء خلقناه بقدر 49 وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر 50 ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر 51 وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}

صفحة 6703 - الجزء 9

  · المعنى: ثم بَيّنَ حال القيامة بذكر الوعد والوعيد، فقال - سبحانه -: «إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ» في ذهاب عن وجه النجاة، وطريق الجنة، عن أبي علي، وقيل: في هلاك، وقيل: في ذهاب عن الحق «وَسُعُرٍ» قيل: في نار مسعرة، عن الضحاك، وأبي علي، وقيل: هم في ضلال في الدنيا، وهلاك في الآخرة، وقيل: في جنون، وقيل: في عناء وعذاب، عن قتادة، وقيل: في أمر يسعرنا، أي: يلهينا، عن ابن عرفة «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ» أي: يجرون استخفافًا بهم إلى النار، ويقال لهم: «ذُوقُوا» قيل: الخزان تقول ذلك «مَسَّ سَقَرَ» أي: عذاب النار، وقيل: إنما قال «مَسَّ» ليعلم أن مسه أذى عظيم، فكيف إذا تداخلت الأجزاء. والسقر: قيل: جهنم، وقيل: باب من أبوابها، وأصل السقر التلويح، يقال: سقرته الشمس إذا لوحته، ولذلك سميت سقر، وسَقَراَتُ الشمس: حرورها «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» يعني كل شيء خلقناه على قدر معلوم، فخلق اللسان على مقدار يصلح للكلام، واليد على مقدار تصلح للبطش، والرجل للمشي، والعين للبصر، والأذن للسماع، والمعدة للطعام، ولو زاد أو نقص لما تم الغرض، فكذلك كل شيء قدره كما ينبغي له في معنى قول الحسن، وقيل: إنا خلقنا العقاب لأهل النار على مقدار الاستحقاق على ما تقتضيه الحكمة، لا يزيد ولا ينقص على المستحق، وكذلك كل شيء خلقه على مقدار ما يعرف من الصلاح فيه لم يخلق عبثًا ولا جزافًا، عن أبي علي، وقيل: هو كقوله: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}⁣[الطلاق: ٣] أي: أجلاً لا يتقدم ولا يتأخر، عن الربيع، وقيل: جعلنا لكل شيء شكلاً يوافقه ويصلح له كالمرأة للرجل، والأتان للحمار، وثياب الرجال للرجال، وثياب النساء للنساء، عن ابن عباس، وقيل: خلق النار بمقدار الاستحقاق.

  ومتى قيل: هلا حملتم ذلك على أفعال العباد، وأنه خلق فيهم الخير والشر والإيمان والكفر؟